أرض المجددين| رفاعة الطهطاوي.. الأزهري الذي قاد نهضة التنوير في العصر الحديث

يواصل موقع «نيوز رووم»، نشر سلسلة «أرض المجددين»، والتي تتناول مجددو مصر عبر القرون الماضية، ضمن التعريف بهم وبجهودهم حيث الشيخ رفاعة الطهطاوي أحد مجددي مصر والإسلام في القرن الثاني عشر، فمن هو رفاعة رافع الطهطاوي؟
من هو رفاعة الطهطاوي؟
ولد رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي عام (١٢١٦هـ = ١٨٠١م)، بمدينة (طهطا)، إحدى مدن محافظة سوهاج، ويتصل نســبه بالحسين -رضي االله عنه- وقد أشار إلى هذا النسب في قوله:
حــــســــيــــنــــي الـــــســـــلالـــــة قــــاســــمــــي
بــطــهــطــا مـــعـــشـــري وبــــهــــا مـــهـــادي
اضطر والده بــدوي رافع إلى أن يهجــر موطنه (طهطا) ويتنقل في بعض أقاليم الصعيد، مصطحبــا معــه ابنــه رفاعــة، وســنه يومئــذ اثنــا عشــر عامــا. وفي أثناء هذه الســياحة أجاد رفاعــة تعلم القراءة والكتابة، وأتم حفظ القرآن الكريم، ثم توفي والده فعاد إلى مسقط رأسه (طهطا) وتولى أخواله كفالته ورعايته، وكان أخواله من علماء مدينة (طهطا) البارزين، وكانت لبعضهم شــروح على مؤلفــات في النحــو، ومنظومات علــى بعض المتــون، وتقارير على بعــض كتب الفقه في مذهب الإمام الشافعي، فأشــرفواعلــى تعليم رفاعة الطهطاوي بعض متــون العلوم الدينية واللغويــة؛ لتهيئته للالتحاق بالأزهر الشريف.
عندما بلغ السادسة عشرة من عمره أكمل رفاعة دراسته في الأزهر الشريف، ومن حُسن حظه أن درس على يد الشيخ حسن العطار، فقد كان واسع الأفق، كثير الأسفار، يقرأ كتب الجغرافيا والتاريخ والطب والرياضيات والأدب والفلك؛ فخرج رفاعة كأستاذه واسع الأفق، عميق المعرفة. وقد تخرج رفاعة في الأزهر في الحادية والعشرين من عمره.
لقب الطهطاوي برائد التنوير في العصر الحديث؛ لما أحدثه من أثر في تطور التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث، واختير إمامًا مشرفًا ومرافقًا للبعثة العلمية الأولى التي أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا بعد أن رشحه الشيخ حسن العطار لهذه المهمة وزكاه عند السلطان.
هناك قرر ألا يعود إلا بعد أن يكون شخصًا نافعًا لوطنه ومجتمعه. لذا؛ عكف على تعلم الفرنسية، وقراءة أهم الكتب وأنفعها، وترجمة ما استطاع منها مع شرحه وتفسيره. وقد حرص الطهطاوي على إبداء المقارنة بين حال العلم في فرنسا وبين حاله في مصر.
تخليص الإبريز في تلخيص باريز
عاد الطهطاوي إلى مصر عام 1831 م، بعد أن قضى خمس سنوات في باريس يبحث ويتعلم ويترجم ويؤلف، وتجسدت خلاصة جهده الجهيد في أهم كتبه، وهو كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، وقد عدَّ المؤرخون هذا الكتاب واحدًا من أهم كتب النهضة الثقافية التي كتبت في القرن التاسع عشر.
من مؤلفاته: (قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر)، و(تلخيص الإبريز في تخليص باريز)، و(مباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية).
أقوال مأثورة لـ الطهطاوي
الناس على دين ملوكهم.
تبني الأوطان بالحرية والمصنع.
لو تُعُهِّدت مصر وتوفرت فيها أدوات العمران لكانت سلطان المدن ورئيسة بلاد الدنيا.
سافرت فرنسا فوجدت إسلاما بلا مسلمين وحينما عدت إلي مصر وجدت مسلمين بلا إسلام.
استعاضت المرأة عن بنيتها الضعيفة بقوة عقلها وحدة إحساسها وإدراكها.
إذا كانت البطالة مذمومة في حق الرجال فهى مذمومة عظيمة في حق النساء.
حب الوطن من الإيمان ولأرضك حرمة وطنها كما لوالدتك حق لبنتها.
مصر وطن شريف إن لم تقل أشرف الأمكنة.. فهى أرض الشرف والمجد.
رفاعة الطهطاوي مؤسس مدرسة الألسن
يقول العلاَّمة محمود شاكر عن "مدرسة الألسن": "وضَع رِفاعة الطهطاوي أساسًا لمدرسةٍ ملفَّقة لا كليَّة - كما يقول الرافعي - مبتورة الصلة كلَّ البتر عن مركز الثقافة المتكامِلة التي كان الأزهر مهدَها قرونًا مُتطاوِلة، وكان هو وحدَه مركزَ ثقافة دار الإسلام في مصر.
وفاة رفاعة الطهطاوي
توفي رفاعة الطهطاوي سنة 1873م عن عمر يناهز الثانية والسبعين عامًا، بعد أن قدم مشروعًا نهضويًّا رائدًا، استفادت منه الحركة الثقافية والعلمية في مصر، وبنى عليه من خلفه من جيل النهضة المصرية أوائل القرن العشرين.