ما دلالات زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل في هذا التوقيت؟

في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة والضفة الغربية، تتجه الأنظار إلى الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى تل أبيب، والتي يرى مراقبون أنها جزء من تحرك دبلوماسي أمريكي مكثف يهدف إلى توفير غطاء سياسي لإسرائيل، وإحباط الجهود الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
دعم أمريكي لتل أبيب في وقت حرج
يرى خبراء أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى من خلال زيارة روبيو إلى إعادة توجيه بوصلة التعاطف الدولي، وسط تزايد الانتقادات العالمية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، التي باتت تُوصف بأنها "حرب إبادة"، وامتدت آثارها إلى الرأي العام الأمريكي نفسه، الذي بدأ يتململ من الدعم غير المشروط لإسرائيل.
ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، من المتوقع أن تتم الزيارة خلال أيام، تزامنًا مع تصعيد إسرائيلي واسع في غزة، وإعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير عن خطط لتكثيف العمليات البرية في القطاع.
منع الاعتراف بفلسطين.. ورفض تأشيرات الوفود
تهدف الزيارة، بحسب محللين في تصريحات صحفية إلى عرقلة التحركات الأوروبية والدولية الرامية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومن أبرز الخطوات التي قد تتخذها واشنطن في هذا السياق، منع الوفود الفلسطينية من دخول الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة هذا الشهر في نيويورك.
تنسيق مباشر وغطاء دبلوماسي
يرى الباحث الإستراتيجي خالد ناصيف أن زيارة روبيو تأتي في إطار تنسيق مباشر ومكثف بين واشنطن وتل أبيب، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو توفير دعم دبلوماسي وإضفاء شرعية على العمليات العسكرية الإسرائيلية، لا سيما في شمال قطاع غزة.
وأوضح ناصيف أن الزيارة تهدف إلى إحباط التحركات الفلسطينية دوليًا، وضمان اصطفاف الحلفاء خلف إسرائيل، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية تنفذ الأجندة الإسرائيلية "بحذافيرها"، مضيفًا:"ما يجري ليس مجرد دعم تقني أو سياسي، بل هو دعم غير مشروط لسياسات توسعية تنتهك بوضوح المواثيق الدولية من خلال الاستيطان، ومصادرة الأراضي، واستهداف السكان المدنيين".
صورة إسرائيل تهتز.. وروبيو يسعى لإنقاذها
من جانبه، قال الخبير في الشأن الأمريكي ماهر عبد القادر إن الزيارة تتزامن مع احتدام العمليات العسكرية في غزة، مضيفًا أن إسرائيل طالبت مرارًا بحشد دعم دولي، بعدما بدأت تفقد تعاطف الشارع الأمريكي.
وأشار إلى أن الخارجية الأمريكية نفسها أصدرت مؤخرًا تقريرًا يدين عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، وهو ما وافق عليه روبيو حينها، مما يثير التساؤلات حول تناقض المواقف الأمريكية.
وأضاف عبد القادر: "زيارة روبيو ليست فقط محاولة لإنقاذ صورة إسرائيل، بل قد تكون أيضًا وسيلة لتعزيز مكانته الدولية الشخصية، مستفيدًا من الصلاحيات الواسعة التي منحه إياها ترامب".
كما أشار إلى وجود معلومات عن مخطط أمريكي إسرائيلي لإقامة "ريفييرا فلسطينية" – مشروع استثماري ضخم على أراضي غزة تسيطر عليه إسرائيل أمنيًّا، ويُدار برعاية أمريكية، بمشاركة رجال أعمال عالميين، بينهم جاريد كوشنر.
بين الدعم والاحتواء.. ما الرسالة الأمريكية؟
أما عصمت منصور، المختص في الشأن الإسرائيلي، فأكد أن توقيت الزيارة بالغ الأهمية، إذ يتزامن مع عمليات إسرائيلية شاملة في غزة، وانتقادات دولية غير مسبوقة، وحتى رفض داخلي لنهج الحكومة الحالية، وارتباك واضح داخل المؤسسة الأمنية.
وأوضح منصور أن الزيارة قد تحمل رسالتين مزدوجتين: الأولى تأكيد الوقوف المطلق خلف إسرائيل، والثانية محاولة لاحتواء الموقف دبلوماسيًّا، وربما بحث مخرج تفاوضي يخفف الضغط الدولي المتصاعد.
وأشار إلى أن منع منح تأشيرات للوفد الفلسطيني يُعد مؤشرًا على الانحياز الأمريكي الواضح، ومحاولة لتقويض أي فرصة لنجاح المساعي الفلسطينية في الأمم المتحدة.
سياسة عدوانية وانحياز سافر
واختتم عبد القادر بالتأكيد على أن الإشارات الصادرة عن الإدارة الأمريكية، خاصة من ترامب، وروبيو، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل، تنذر بما وصفه بـ"نهج عدواني"، مضيفًا: "الولايات المتحدة لا تكتفي بدعم إسرائيل، بل تسعى لتجريم الأطراف التي تحاول الوقوف بوجه هذا الدعم، وتخويف الدول التي تعترف بفلسطين".
ويخشى محللون من أن تسهم هذه الزيارة في ترسيخ التحالف الأمريكي الإسرائيلي ضد أي محاولات لإنهاء الاحتلال أو دعم الحقوق الفلسطينية، وسط بيئة إقليمية ودولية مشحونة.