الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم بالذكر في الصلاة الإبراهيمية؟.. الإفتاء توضح

نشرت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي بيانًا علميًّا يوضح الحكمة من تخصيص نبي الله إبراهيم عليه السلام بالذِّكر في الصيغة الإبراهيمية للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، التي تُقال في التشهد الأخير من كل صلاة، والتي يقول فيها المسلم:
«اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد...».
وأكدت دار الإفتاء أن هذا التخصيص لا يتعارض بحال من الأحوال مع كون النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق على الإطلاق، بل إن في الأمر من الحكم والمعاني ما يدل على فضل النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته العالية، ويكشف عن أبعاد عميقة لهذا الدعاء الذي اختص به أتباع خاتم الأنبياء.
ما هي الحكمة من تخصيص الله سيدنا إبراهيم بالصلاة الإبراهيمية؟
وأوضحت الدار أن تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذكر يعود إلى عدة وجوه وحِكَمٍ شرعية وأدبية منها:
دعاء سيدنا إبراهيم بأن يُجعل له لسان صدقٍ في الآخرين، وقد استجاب الله دعاءه، فجعل ذكره باقيًا في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي هي خاتمة الأمم.
أن إبراهيم عليه السلام هو من سمّى أمة الإسلام بـ"المسلمين" من قبل، كما في قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: 78]، ولهذا جاء التخصيص في الصلاة مكافأةً لهذا الفضل.
أن النبي محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو دعوة سيدنا إبراهيم، حيث قال تعالى على لسان إبراهيم: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا﴾ [البقرة: 129].
أن سيدنا إبراهيم عليه السلام دعا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عند بنائه الكعبة، وسلَّم على أمته ليلة المعراج، خلافًا لبقية الأنبياء، مما يدل على صِلَة خاصة بينه وبين هذه الأمة.
أن الصلاة المطلوبة في التشهد تتضمَّن طلب اتخاذ النبي محمد خليلًا كما اتخذ الله سيدنا إبراهيم خليلًا، وقد استجاب الله ذلك واتخذ النبي الكريم خليلًا كما جاء في الحديث الشريف.

لا تعارض مع الأفضلية المحمدية
وأكدت دار الإفتاء أن التشبيه في الصيغة الإبراهيمية لا يعني أن مقام إبراهيم عليه السلام أعلى من مقام النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل إن النبي هو سيد ولد آدم بلا منازع، كما جاء في الحديث الصحيح:
«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر...» رواه مسلم.
وبيّنت الدار أن العلماء فسَّروا صيغة التشبيه بعدة تأويلات شرعية دقيقة، منها:
أن التشبيه لأصل الصلاة وليس لمقدارها.
أو أن المقصود تشبيه في إجابة الدعاء لا في الأفضلية.
أو أن التشبيه وقع بين مجموع الآل والآل، فكان مجموع آل إبراهيم أنبياءً، أما في آل محمد فالأفضلية تعود إليه صلى الله عليه وآله وسلم وحده.
أو أن النبي طلب في هذا الدعاء فضلًا زائدًا لم يكن قد حصل عليه بعد، فالتشبيه وقع في الدعاء لعطية مستقبلية، لا في مقارنة الأفضلية الثابتة مسبقًا.
فضل الصيغة الإبراهيمية
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن الصيغة الإبراهيمية هي أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال الإمام ابن حجر الهيتمي وغيره من العلماء، وأنها من السُّنَّة المأثورة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في كل صلاة، لما تحمله من تعظيمٍ للنبي الكريم، وامتثالٍ لأمره حين قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمد...».