دراسة حديثة تكشف: اختبار توازن بسيط قد ينبئ بخطر الوفاة المبكرة

كشفت دراسة علمية حديثة أن مجرد اختبار التوازن في الوقوف على ساق واحدة لمدة عشر ثوانٍ، قد يكون مؤشرًا قويًا على خطر الوفاة المبكرة لدى الأفراد في منتصف العمر وكبار السن، هذه الدراسة، التي أثارت اهتمام الأوساط الطبية والعلمية، تقدم أداة فحص سريعة ومنخفضة التكلفة يمكن أن تساعد في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر الصحية.
اختبار العشر ثوانٍ: نافذة على صحتك
يعتبر اختبار التوازن على ساق واحدة، المعروف علميًا باسم "اختبار الوقوف على ساق واحدة لمدة 10 ثوانٍ" (10-second one-legged stance test)، بسيطًا للغاية ويمكن لأي شخص إجراؤه في المنزل، كل ما يتطلبه الأمر هو محاولة الوقوف على ساق واحدة دون دعم، مع وضع القدم الأخرى خلف الساق الداعمة، والحفاظ على الذراعين على الجانبين والنظر إلى الأمام مباشرة.

وقد وجد الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم في المجلة البريطانية للطب الرياضي، أن عدم القدرة على إكمال هذا الاختبار يرتبط بزيادة كبيرة في خطر الوفاة من جميع الأسباب خلال العقد التالي.
تفاصيل الدراسة ومنهجيتها
أجريت الدراسة على مجموعة من المشاركين البرازيليين تتراوح أعمارهم بين 51 و75 عامًا، طلب من المشاركين إجراء اختبار التوازن البسيط، وتمت متابعة حالتهم الصحية على مدى فترة متوسطها سبع سنوات.
خلال فترة المتابعة، لاحظ الباحثون أن معدل الوفيات كان أعلى بكثير بين أولئك الذين فشلوا في اختبار التوازن مقارنة بالذين تمكنوا من إكماله بنجاح، وبشكل أكثر تحديدًا، وجدوا أن خطر الوفاة لأي سبب كان أعلى بنسبة 84٪ لدى المجموعة التي لم تتمكن من الحفاظ على توازنها لمدة عشر ثوانٍ.
وقد أخذت الدراسة في الاعتبار عوامل أخرى قد تؤثر على النتائج، مثل العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم والتاريخ المرضي للمشاركين، بما في ذلك أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، وحتى بعد تعديل هذه العوامل، ظل الارتباط بين الفشل في اختبار التوازن وزيادة خطر الوفاة قائمًا وقويًا.
لماذا يرتبط التوازن بالصحة العامة وطول العمر؟
قد يبدو الارتباط بين القدرة على التوازن وطول العمر مفاجئًا للوهلة الأولى، لكن الخبراء يقدمون عدة تفسيرات محتملة، فالتوازن ليس مجرد وظيفة حركية بسيطة، بل هو عملية معقدة تتطلب تكاملًا دقيقًا بين عدة أنظمة في الجسم، بما في ذلك:
الجهاز العضلي الهيكلي: قوة العضلات وصحة المفاصل تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على استقرار الجسم.

الجهاز الدهليزي في الأذن الداخلية: وهو المسؤول عن الإحساس بالتوازن والتوجه المكاني.
الرؤية: تساهم العينان في تزويد الدماغ بمعلومات حول وضعية الجسم في الفضاء.
الجهاز العصبي المركزي: يقوم الدماغ بمعالجة جميع هذه المدخلات وتنسيق الاستجابات الحركية اللازمة للحفاظ على التوازن.
وبالتالي، فإن ضعف القدرة على التوازن قد يكون علامة على تدهور كامن في أحد هذه الأنظمة الحيوية، على سبيل المثال، قد يشير إلى ضعف العضلات، أو مشاكل عصبية، أو حتى تدهور في الوظائف الإدراكية.
وقد ربطت دراسات سابقة بين ضعف التوازن وزيادة خطر السقوط، الذي يعد سببًا رئيسيًا للإصابات الخطيرة والوفيات بين كبار السن، بالإضافة إلى ارتباطه بمخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية والخرف.
توصيات لإدراج اختبار التوازن في الفحوصات الروتينية
بناءً على نتائج هذه الدراسة وغيرها من الأبحاث المشابهة، يقترح العديد من الخبراء والأطباء دمج اختبار التوازن البسيط كجزء من الفحوصات الطبية الروتينية للأفراد في منتصف العمر وكبار السن.
نظرًا لسهولة إجرائه وعدم تكلفته، يمكن أن يوفر هذا الاختبار معلومات قيمة حول الحالة الصحية العامة للمريض ويساعد في تحديد الأفراد الذين قد يحتاجون إلى مزيد من التقييم والتدخل.
إن إضافة هذا الاختبار إلى الفحوصات الدورية يمكن أن ينبه الأطباء والمرضى على حد سواء إلى المخاطر الصحية المحتملة في وقت مبكر، مما يتيح فرصة لاتخاذ إجراءات وقائية، مثل برامج التمارين لتحسين التوازن والقوة، وتعديل نمط الحياة، وإدارة الحالات الطبية المزمنة بشكل أفضل.
تؤكد هذه الدراسة على أهمية الحفاظ على اللياقة البدنية والقدرة على التوازن مع تقدمنا في العمر. فالتوازن الجيد ليس مجرد مهارة مفيدة لتجنب السقوط، بل قد يكون أيضًا مؤشرًا حيويًا يعكس صحتنا العامة ويقدم لمحة عن احتمالات طول العمر.