هل يجب على المرأة الصلاة التي تركتها بسبب الحيض أو النفاس؟

يتعيَّن على المسلم قضاء ما فاته من الصلوات المفروضة مهما كان عددها، باستثناء ما تفوته المرأة بسبب الحيض أو النفاس؛ لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَسِيَ صَلاةً فليُصَلِّها إذا ذكَرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾» متفق عليه. فإذا كان القضاء لازمًا في حق من نسي وهو معذور في كثير من الأمور، فإن وجوبه على من ترك الصلاة عمدًا أولى وأوجب؛ لأنه غير معذور، ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أحقُّ بالقضاء» رواه مسلم.
وينبغي مراعاة الترتيب بين الصلوات إذا كانت الفوائت أقل من خمس، أما إذا زادت، فالأيسر أن يُقرِن المسلم بكل صلاةٍ حاضرةٍ قضاءَ صلاةٍ فائتة حتى يغلب على ظنه أنه قد أدّى ما عليه من فوائت
حكم قضاء الصلوات الفائتة
اتفق العلماء على أن من فاتته صلاة بغير عمد – كالنائم والناسي – وجب عليه قضاؤها، ونُقِل هذا الإجماع عن كبار الأئمة كابن رشد وابن قدامة والنووي وغيرهم. كما ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب القضاء على من ترك الصلاة عمدًا، وهو القول الذي جرى عليه العمل قديمًا وحديثًا، بل إن النووي حكى إجماع العلماء المعتبرين على ذلك، واعتبر من خالف هذا الرأي قد شذ وخرق الإجماع.
ويجب القضاء مهما كان عدد الفوائت، فإذا زاد عددها على خمس سقط الترتيب، أما إذا لم يعرف المصلي عدد ما فاته فعليه أن يستمر في القضاء حتى يتيقن ببراءة ذمته. وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال فيمن ضيّع صلاته: «يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع».
المحافظة على أداء الصلاة في وقتها
أداء الصلاة في وقتها من أبرز علامات التزام المسلم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]. والصلاة عبادة محددة بوقت، فإذا خرج وقتها ولم تؤدَّ تعلقت بذمة المكلف حتى يقضيها.
وقد انعقد الإجماع على وجوب قضاء الصلاة الفائتة عن غير عمد. أما تارك الصلاة عمدًا، فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة يرون أنه آثم ويلزمه القضاء مهما كثرت الصلوات، وأن قضاءها مقدم على النوافل. واستدلوا بقول النبي ﷺ: «فَدَيْنُ اللهِ أحق بالقضاء» رواه مسلم، كما يجب عليه التوبة من هذا الذنب العظيم.
واستشهد العلماء أيضًا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مَن نَسِيَ صَلاةً فليُصَلِّها إذا ذكَرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾» [طه: 14]. فإذا كان القضاء واجبًا على الناسي المعذور، فالمتعمد أولى بالوجوب لأنه غير معذور. كما استدلوا بحديث المجامع في نهار رمضان الذي أمره النبي ﷺ أن يصوم يومًا مكانه مع الكفارة، فدل على أن العبادات المتروكة عمدًا يجب قضاؤها.
وقد نقل ابن رشد في بداية المجتهد اتفاق العلماء على وجوب القضاء على الناسي والنائم، وبيَّن أن الجمهور يرون وجوبه كذلك على العامد، وخالفهم ابن حزم فقال بعدم القضاء، لكن النووي صرّح بأن هذا القول باطل ومخالف للإجماع.
الترتيب في قضاء الفوائت
بناءً على رأي الجمهور في وجوب القضاء على العامد، فإن من كثرت فوائته سقط عنه الترتيب، ويجوز له أن يقضي الصلوات في أي وقت، بل يُستحب أن يُقرن مع كل فريضة حاضرة صلاةً فائتة أو أكثر حتى يغلب على ظنه أنه قضى ما عليه.
قال ابن قدامة في المغني: إذا كثرت الفوائت شُغل بالقضاء ما لم يترتب على ذلك مشقة في بدنه أو ماله، وإن جهل عدد ما عليه أعاد حتى يتيقن براءة ذمته. وينبغي الاقتصار على قضاء الفرائض دون النوافل، لأن النبي ﷺ يوم الخندق لما فاتته أربع صلوات قضاها متتابعة بلا سنن بينها، إذ الفرض أولى وأهم. لكن إذا كانت الفوائت قليلة، جاز أن يقضي معها السنن الرواتب كما فعل ﷺ في قضاء سنة الفجر