أيهما أفضل.. الصلاة في أول وقتها منفردا أم في آخر وقتها جماعة؟

الاهتمام بأداء الصلاة جماعةً في أول وقتها أفضل وأعظم أجرًا من تأخيرها مع الجماعة أو أدائها منفردًا في أول الوقت. فإذا تعذر إدراك الجماعة في أول الوقت، فالأولى لمن صلى وحده أن يبادر بالصلاة في أول وقتها حتى يبرأ ذمته، ثم إن وجد فرصة للحاق بالجماعة بعد ذلك فالأفضل ألا يتركها لينال ثوابها العظيم. أما إذا وجد مشقة في الجمع بين الأمرين، فله أن يختار ما يناسب حاله، ولا إثم عليه ولا حرج
سماحة الشريعة في توسيع وقت الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يُحاسَب عليه الإنسان يوم القيامة؛ فإن صلحت كان النجاح والفلاح، وإن فسدت خاب وخسر، كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ: صَلَاتُهُ…» (رواه الترمذي والنسائي والبيهقي).
ومن رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره لهم أنه لم يضيق وقت الصلاة في لحظة واحدة، بل جعل لها بداية ونهاية، وأبقى للمسلم سعة في أدائها داخل وقتها، رفعًا للحرج وتيسيرًا للعبادة. فمن حافظ على صلاته كان ممتثلًا لقوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ [البقرة: 238]، وكانت صلاته سببًا لحفظه وصيانته وصرفه عن الفواحش والمنكرات، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
فضل الصلاة في أول وقتها
حثَّ الشرع الشريف على المبادرة إلى الطاعات، ومنها الصلاة في أول وقتها، قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال أيضًا: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: 133].
وبيَّن العلماء أن الصلاة تدخل في معنى هذه الآيات، وأن الإسراع إليها أفضل من التباطؤ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه حين سأل النبي ﷺ: «أي الأعمال أحب إلى الله؟» قال: «الصلاة على وقتها» (متفق عليه). وفي روايات أخرى جاء النص صريحًا على فضل أول الوقت.
ولهذا عُدَّ أداء الصلاة في أول وقتها من أحب الأعمال إلى الله وأعظمها أجرًا، حتى ورد في الحديث: «الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله» (رواه الترمذي والدارقطني). وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول بعد سماعه هذا الحديث: “رضوان الله أحب إلينا من عفوه”.
فضل صلاة الجماعة
أما الصلاة في جماعة فهي مضاعفة الأجر بفضل الله، كما قال النبي ﷺ: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» (متفق عليه). ويُدرك هذا الفضل إذا صلى مع الإمام ولو شخصًا واحدًا، سواء في المسجد أو غيره، إلا أن الصلاة في المسجد أعظم أجرًا لما فيها من خطوات وسكينة وانتظار.
أيهما أفضل: أول الوقت منفردًا أم الجماعة في آخره؟
إذا اجتمع فضل أول الوقت مع فضل الجماعة فقد اختلف الفقهاء:
• الحنابلة ومعهم بعض الحنفية: رأوا أن الجماعة واجبة، فتُقدَّم على أول الوقت لأنها واجب، وأول الوقت سنة.
• المالكية وبعض الشافعية: رجَّحوا أن الصلاة في أول الوقت منفردًا أفضل، لأن أول الوقت رضوان الله.
• الحنفية في قول آخر ومعهم بعض الشافعية: رأوا أن انتظار الجماعة أفضل من الصلاة منفردًا في أول الوقت.
• بعض الشافعية والمالكية: فصّلوا فقالوا: إن كان التأخير يسيرًا والجماعة مضمونة فالأفضل الانتظار، وإن كان التأخير طويلًا أو الجماعة غير مضمونة فالأفضل التقديم.
• قول جامع عند المالكية والشافعية: أن الأفضل الجمع بين الفضيلتين؛ بأن يصلي المسلم أول الوقت منفردًا إبراءً للذمة، ثم يعيدها مع الجماعة إذا وُجدت، فينال ثواب أول الوقت وفضل الجماعة معًا