رفعت فياض: نظام البكالوريا الجديد يضيف البرمجة وعلوم الحاسب لأول مرة

أثار الكاتب الصحفي رفعت فياض اهتمام الرأي العام التعليمي بعدما كشف عن تفاصيل النظام الجديد للبكالوريا الذي تستعد الدولة المصرية لتطبيقه في المرحلة المقبلة.
مؤكدًا أنّ إدخال مادة البرمجة وعلوم الحاسب سيكون من أبرز ملامحه، هذا التطوير يأتي في إطار خطة شاملة لتحديث التعليم وربطه بسوق العمل العصري الذي يشهد تحولًا رقميًا متسارعًا.
ويُعد النظام الجديد للبكالوريا نقلة نوعية تستهدف تحقيق العدالة التعليمية ورفع مستوى جودة الخريجين، إضافةً إلى تعزيز القدرات التكنولوجية لدى الطلاب ، وقد شدّد فياض على أن هذا التغيير لن يكون مجرد إضافة مادة دراسية فحسب، بل خطوة استراتيجية تهدف إلى بناء جيل متمكن من أدوات المستقبل.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية والتعليم تعمل حاليًا على وضع التصورات النهائية للائحة التنفيذية الخاصة بالنظام الجديد، على أن يتم تطبيقه تدريجيًا بما يضمن استيعاب المدارس والمعلمين والطلاب له بشكل متوازن وفعال.
فلسفة تطوير التعليم: ربط الدراسة بمتطلبات سوق العمل
أكد الكاتب الصحفي أن فلسفة الدولة في تطوير التعليم تستند إلى فكرة الانتقال من التلقين إلى الإبداع، بحيث لا يكون الطالب مجرد متلقٍ للمعلومات، بل مشاركًا في البحث والتفكير وحل المشكلات،وفي هذا السياق، تأتي البرمجة وعلوم الحاسب كمكون أساسي، إذ لم يعد سوق العمل يقبل بخريج يفتقد المهارات الرقمية.
وأضاف فياض أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة قصوى في جميع القطاعات، الأمر الذي يجعل إعداد الطالب منذ مراحله الأولى للتعامل مع التكنولوجيا ركيزة أساسية للتعليم الحديث وهذا ما يتفق مع رؤية مصر 2030 التي تعطي الأولوية لبناء الإنسان من خلال التعليم والمعرفة.
كما أوضح أن البكالوريا الجديدة ستمنح الطالب مساحة أكبر لاختيار التخصصات التي تتوافق مع ميوله، مع مراعاة دمج الجانب العملي بالتوازي مع الجانب النظري، وهو ما يمثل نقلة مهمة عن النظام التقليدي.
مادة البرمجة وعلوم الحاسب: أداة الطالب لمواجهة المستقبل
من بين أبرز النقاط التي أثارها رفعت فياض أن إدخال مادة البرمجة وعلوم الحاسب ضمن مقررات البكالوريا لن يقتصر على المفاهيم النظرية، بل سيشمل التدريب العملي والتطبيقي الهدف من ذلك أن يتمكن الطالب من إنتاج تطبيقات، وبرامج، وحلول رقمية بدلاً من الاكتفاء بالاستخدام السطحي للتكنولوجيا.
وأشار إلى أن المادة ستكون بمثابة "لغة العصر" التي لا يمكن لأي طالب أن يتخلف عن تعلمها، خاصة أن جميع المهن المستقبلية باتت تعتمد على الحوسبة، الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء ، لذلك فإن تعلم البرمجة لم يعد تخصصًا للنخبة فقط، بل حقًا أساسيًا لجميع الطلاب.
وأوضح فياض أن النظام الجديد يضمن وجود معايير واضحة لتدريس هذه المادة، تشمل إعداد المعلمين وتزويد المدارس بالمعامل والأدوات اللازمة، حتى يكون التطبيق واقعيًا وليس مجرد حبر على ورق.
شمولية النظام الجديد: عدالة وتكافؤ فرص بين جميع الطلاب
أكد الكاتب أن نظام البكالوريا يسعى إلى تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، من خلال تقييم الطالب بشكل متكامل بعيدًا عن فكرة الامتحان الواحد الفاصل، بحيث يكون التقييم قائمًا على مشاريع وأبحاث وأنشطة عملية. هذا ما يمنح الطالب فرصة لإظهار قدراته على مدار العام الدراسي.
كما شدّد على أن إضافة البرمجة وعلوم الحاسب لن تشكل عبئًا إضافيًا على الطلاب إذا ما جرى تطبيقها بالأسلوب العصري الصحيح، أي عبر التعلم التفاعلي والأنشطة العملية، وليس الحفظ والتلقين ، فالهدف من النظام الجديد ليس إثقال كاهل الطالب، بل تمكينه من أدوات تساعده على التفوق في حياته المستقبلية.
وأشار فياض إلى أن النظام لن يقتصر على العاصمة أو المدن الكبرى، بل سيتم تعميمه على جميع المحافظات تدريجيًا، مع ضمان توفير البنية التحتية اللازمة للمدارس في المناطق الريفية والنائية.
البكالوريا والانتقال إلى جيل رقمي جديد
يرى الكاتب أن تطبيق هذا النظام يمثل خطوة في طريق تأسيس جيل رقمي قادر على المنافسة عالميًا. فمعظم الدول المتقدمة اعتمدت منذ سنوات على دمج علوم الحاسب والبرمجة في مراحل التعليم الأساسي، وأصبحت مخرجاتها التعليمية أكثر قدرة على الابتكار وريادة الأعمال.
وأضاف أن مصر اليوم تسعى للحاق بهذه الموجة العالمية، وإعداد طلابها بما يتماشى مع الاقتصاد القائم على المعرفة والتكنولوجيا ، كما أن النظام الجديد سيجعل الطلاب أكثر استعدادًا للالتحاق بالجامعات، حيث ستكون لديهم خلفية قوية في التعامل مع نظم الحوسبة والبرامج التطبيقية.
ولفت إلى أن الاستثمار في العقول البشرية من خلال التعليم هو الطريق الأقصر لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما تسعى إليه القيادة السياسية بوضوح.
تحديات تطبيق النظام الجديد
على الرغم من التفاؤل الكبير، لم يغفل الكاتب الحديث عن التحديات، إذ أوضح أن أبرزها يتمثل في تدريب المعلمين على مناهج البرمجة الحديثة، وتجهيز المدارس بالمعامل والأجهزة اللازمة ، كما أن نجاح التجربة يتطلب تعاونًا وثيقًا بين وزارتي التربية والتعليم والاتصالات، إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في الدعم اللوجستي والتقني.
كما أشار إلى أن التجربة قد تواجه مقاومة من بعض أولياء الأمور الذين اعتادوا على النظم التقليدية، لكن مع مرور الوقت وظهور نتائج إيجابية سيتضح الفرق الكبير بين المخرجات التعليمية القديمة والجديدة.
مستقبل التعليم في مصر بين التحديات والطموحات
في ختام حديثه، أكد رفعت فياض أن نظام البكالوريا الجديد بإضافة مادة البرمجة وعلوم الحاسب ليس مجرد تحديث لمناهج دراسية، بل هو تحول جذري في فلسفة التعليم. الهدف منه إعداد طالب قادر على التفكير النقدي، حل المشكلات، والتعامل بكفاءة مع أدوات العصر الرقمي.
كما شدّد على أن مصر اليوم أمام فرصة تاريخية لإحداث نقلة نوعية في التعليم، وعلى المجتمع أن يدعم هذه الخطوات الإصلاحية. فإذا تم التطبيق وفق المعايير العالمية وبإدارة حكيمة، فإن نتائج النظام الجديد ستكون بمثابة ثورة تعليمية حقيقية تسهم في بناء أجيال قادرة على قيادة المستقبل.