هل لصلاة الضحى عدد ركعات معينة .. وما كيفية أدائها؟ دار الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء أن صلاة الضحى سُنَّة مؤكدة، وأقلها ركعتان باتفاق الفقهاء، واختلفوا في أكثرها، فمذهب الحنفية وبعض الشافعية أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، وذهب فقهاءُ المالكية، وأكثرُ الشافعية وهو المعتمد عندهم، والحنابلةُ إلى أن أكثرها ثماني ركعات، ويرى بعضُ العلماء أنه لا حَدَّ لأكثرها فيجوز للمسلم أن يصلي الضحى عدد ما شاء مِن ركعات دون تقييد بعدد معين.
أقل عدد ركعات صلاة الضحى
اتفق الفقهاء على أن أقلَّ صلاة الضحى ركعتان؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه"؛ قال الإمام النووي في "المجموع" : [صلاة الضحى سُنَّة مؤكدة، وأقلُّها ركعتان] .
مذهب الحنفية وبعض الشافعية في أكثر عدد ركعات الضحى
مع اتفاق الفقهاء على أن أقلَّ صلاة الضحى ركعتان، إلا أنهم اختلفوا في أكثرها.
فذهب الحنفيةُ والإمامان الرُّويَانِي والرَّافِعِي مِن فقهاء الشافعية إلى أن أكثر ركعات صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة؛ لما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بَنَى اللهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ» أخرجه الإمامان: الترمذي وابن ماجه في "السنن".
كما ذهبوا إلى أن أفضلها ثماني ركعات؛ لأنها ثابتةٌ بفِعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله، أما الاثنتا عشرة ركعةً فواردةٌ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لا بفِعله.
قال الإمام الطَّحْطَاوِي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" : [وأكثرها اثنتا عشرة، وأوسَطُها ثَمَان وهو أفضلُها كما في "الذخائر الأشرفية"؛ لثبوته بفِعله وقوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأما أكثرها فبقوله فقط] .
وقال الإمام الرَّافِعِي الشافعي في "فتح العزيز" : [والأفضل أن يصلي ثمان ركعات، وأكثرها اثنتا عشرة، ذكره القاضي الرُّويَانِى، ووَرَد في الأخبار] .
مذهب جمهور الفقهاء في أكثر عدد ركعات الضحى
ذهب فقهاء المالكية، وأكثرُ الشافعية وهو المعتمد عندهم، والحنابلةُ إلى أن أكثرها ثماني ركعات؛ لما جاء عن أم هَانِئٍ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْه ِوَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه في "السنن".
قال الإمام محمد بن عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" في ذكر أكثر صلاة الضحى: [ومُنْتَهَاهَا عند أهل المذهب: ثَمَان] .
وقال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "الإقناع" : [(صلاة الضحى) وأقلُّها ركعتان، وأكثرها ثمان، كما في "المجموع" عن الأكثرين، وصححه في التحقيق، وهذا هو المعتمد] .
وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" في ذكر عدد ركعات صلاة الضحى: [وأكثرها ثمان في قول أصحابنا؛ لِمَا رَوَتْ أم هانئ]
مذهب من قال بأن صلاة الضحى ليست محصورة بعدد ركعات معيَّن
بينما ذهب جماعةٌ مِن الفقهاء، منهم: الإمام أبو جَعْفَر الطَبَرِي، والإمام البَاجِي مِن المالكية والقاضي الحَلِيمِي مِن الشافعية وغيرهم إلى أن صلاة الضُّحَى ليست مِن الصلوات المحصورة بالعدَدِ فلا يُزَاد عليها ولا ينقص منها، ولكنها مِن الرغائب الَّتي يفعل الإنسان منها ما أمكنه؛ لِمَا ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
كما أنَّ الوارد في السُّنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى مرةً ركعتين ومرةً أربع ركعات ومرةً ست ركعات وأخرى ثماني ركعات، وهذا يفيد أنها غير محصورة في عدد معين، بالإضافة إلى أن الوارد عن صحابة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم أنهم كانوا يصلونَ الضُّحَى فمِنْهُم من يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من يُصَلِّي أَرْبعًا. ينظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حَجَر العَسْقَلَاني ، و"تنوير الحالك" للحافظ السيوطي .
والقول بأنَّ صلاة الضحى لا حدَّ لأكثرها هو ما صوبه الإمام البَاجِي المالكي فيما نقله عنه الإمام محمد البُنَانِي في "حاشيته على شرح الزرقاني" بقوله: [والصواب كما قال البَاجِي أنها لا تنحصر في عدد] .
ونقل أيضًا قول الإمام المِسْنَاوِي في الجمع بين ما جاء في مذهب المالكية مِن أن أكثر صلاة الضحى ثماني ركعات، وبين قول الإمام البَاجِي بأنه لا حَدَّ لأكثرها، فقال: [ولا ينافيه قولُ أهل المذهب: أكثرها ثمان؛ لأن مرادَهم أكثر بحسب الوارد فيها، لا كراهة الزائد على الثمان، فلا مخالَفَة بين البَاجِي وغيرِه، قاله الشيخ مس] اهـ. ورَمَز بـ"مس" إلى الإمام المِسْنَاوِي.