عاجل

ما جزاء الصابرين في الدنيا والآخرة ..وما أنواع الصبر؟

الصبر
الصبر

الصبر ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو عبادة قلبية عظيمة رفع الإسلام مكانتها حتى جعلها مفتاح الفلاح في الدنيا وباب الأجر الواسع في الآخرة. وقد جاءت النصوص الشرعية لتؤكد أن الصبر هو معيار صدق الإيمان ، وسبب نيل معية الله ورعايته.

فالقرآن الكريم يقرر في أكثر من موضع أن الله مع الصابرين: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]، وهذه المعية ـ كما يقول المفسرون ـ معية خاصة تتجلى في العون والتأييد والنصر. بل وعدهم سبحانه بأجر لا يُقاس ولا يُحدّ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]، أي بغير تقدير ولا عدّ، مما يدل على عِظم الجزاء. كما بشّرهم في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155-157].

أما في السنة النبوية فقد قال رسول الله ﷺ: «وما أُعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر» (متفق عليه)، مؤكدًا أن الصبر هو أعظم ما يُمنح الإنسان. وقال أيضًا: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» (رواه البخاري ومسلم)، أي أن الموقف الحق يظهر لحظة البلاء الأولى. بل إن كل أذى يصيب المؤمن حتى الشوكة يشاكها، يكفّر الله بها خطاياه، كما جاء في الصحيحين.

أنواع الصبر

 أوضحت  دار الإفتاء المصرية أن الصبر أربعة أقسام: صبر على الطاعة بالمداومة عليها، وصبر عن المعصية بكف النفس عنها، وصبر على البلاء بالرضا والاحتساب، وصبر على النعم بشكر المنعم. وأكدت أن الابتلاءات التي يتعرض لها الإنسان ما هي إلا وسائل لرفع الدرجات وتكفير الذنوب إذا قوبلت بالثبات.

وقد علّق الإمام الغزالي بأن الصبر عند أول الفاجعة هو أعظم مراتب الصبر لأنه يحتاج قوة قلبية لا يملكها إلا من تعمق إيمانه. فيما أشار الشيخ ابن باز إلى أن الصبر سبب لطمأنينة القلب في الدنيا، وأمان في القبر، وفوز بالجنة في الآخرة.

ويجمع العلماء أن ثواب الصابرين في الدنيا يتمثل في المعية الخاصة من الله، والتأييد والنصر، واستقرار النفس، والعاقبة الطيبة، كما قال تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. أما في الآخرة فالأجر أعظم: رحمة خاصة، ورضوان، وأجر بلا حساب، ودخول في زمرة المكرمين عند الله

✦ ثواب الصابرين في الدنيا


أول ما يلقاه الصابر في دنياه هو معيّة الله الخاصة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]. وهذه المعيّة ليست معية علم فحسب، بل هي معية نصر وتأييد وتوفيق، كما ذكر المفسرون.

كما ينال الصابر الطمأنينة والسكينة، إذ يُبشَّر في قلبه بالرضا رغم الشدائد، قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155]، أي أبشرهم بالراحة والطمأنينة وعظيم الأجر.

ومن ثمار الصبر أيضًا النصر والعاقبة الحسنة، وقد دلّت نصوص القرآن على أن العاقبة دائماً للمتقين الصابرين، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة: 24]. وقد بيّن المفسرون أن الإمامة في الدين لا تنال إلا بالصبر واليقين.

ويضاف إلى ذلك أن الصبر يكون سببًا في تكفير الذنوب والخطايا، فقد قال النبي ﷺ: «ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه» (متفق عليه). وهذا من رحمة الله بعباده، أن يجعل البلاء رفعة لهم ومغفرة لذنوبهم.

✦ ثواب الصابرين في الآخرة


أما في الآخرة، فقد وعد الله الصابرين بأجر عظيم لا يُقاس ولا يُحصى، فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]. قال المفسرون: “أي أن أجرهم لا يوزن بميزان ولا يحصى بعدد، بل يُعطَون عطاءً عظيمًا بلا حدود”.

كما أن الصابرين ينالون رحمة الله ورضوانه، قال تعالى: ﴿أُو۟لَٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَٰتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 157]. وهذه بشارة بأن الصابر يحظى بذكر الله له، ورحمة خاصة، وهداية إلى الجنة.

وجاء في الحديث الشريف أن أهل البلاء والصبر يُضاعف لهم الأجر حتى يتمنى أهل العافية يوم القيامة لو أنهم كانوا مثلهم، فقد قال ﷺ: «يودُّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض» (رواه الترمذي).

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن الصبر يرفع درجات العبد في الجنة، ويجعله من المكرمين عند الله، فهو سبب في نيل المنازل العليا التي لا يصل إليها العبد بكثرة العمل فقط، وإنما بصبره ورضاه بقضاء الله

تم نسخ الرابط