كيفية الصلاة الجنازة على الغريق المفقود؟ الإفتاء توضح

قالت دار الإفتاء إذا تمكّنت فرق الإنقاذ والجهات المعنية من العثور على جثة الغريق والتأكد من وفاته، فإنه يُعامَل كغيره من الموتى: فيُغسَّل إذا كان الغسل ممكنًا، ويُكفَّن، وتُقام عليه صلاة الجنازة ثم يُدفن.
أما إذا لم يُعثر على جثته، وظل أمره مجهولًا من حيث الحياة أو الوفاة، فلا تُقام عليه الصلاة حتى يصدر قرار رسمي من الجهة المختصة أو حكم قضائي يثبت وفاته. فإذا صدر هذا القرار أو الحكم، تُؤدَّى صلاة الغائب عليه في هذه الحالة
عندما ينزل البلاء أو تقع المصيبة، فإن على المسلم أن يقابل ذلك بالصبر والرضا والتسليم لأمر الله عز وجل، مع التوجه إليه بالدعاء والرجاء. فقد يبتلي الله تعالى بعض عباده ليزيد في حسناتهم، ويرفع درجاتهم، ويكفِّر عنهم السيئات، سواء كان البلاء في المال أو في النفس أو في فقد عزيز. وقد جاء في الحديث الشريف عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة» رواه مسلم.
كما علَّمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما نقوله عند المصيبة، وهو قول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، مع الدعاء: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، فمن قال ذلك كان له الأجر العظيم وخلفه الله خيرًا.
أما عن الغريق، فقد نصت السنة النبوية على أن من مات غرقًا يُعد من الشهداء في الآخرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» متفق عليه. وقد بيّن العلماء أن هذه الأنواع من الموت وإن لم تكن شهادة بمعناها الدنيوي، إلا أن أصحابها ينالون أجر الشهيد في الآخرة، مع بقاء أحكامهم في الدنيا كأحكام سائر الموتى، فيُغسلون ويُكفنون ويُصلّى عليهم.
وفيما يخص صلاة الجنازة على الغريق، فالأمر له حالتان:
• إن وُجدت جثته وتأكد موته، فإنه يُعامل معاملة أي ميت آخر، فيُغسّل إن أمكن، ويُكفّن، ثم يُصلّى عليه. وقد نص فقهاء المذاهب الأربعة على ذلك.
• أما إذا لم يُعثر على جثته، ولم يُعلم مصيره، فلا يُعد ميتًا بمجرد فقدانه. وإنما ينتظر صدور قرار رسمي أو حكم قضائي بموته، وفق ما تنص عليه القوانين المنظمة. فإذا تقرر رسميًا وفاته، جاز حينها أن تُصلى صلاة الغائب عليه. وقد قال بهذا جماعة من فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، مستدلين بجواز الصلاة على الميت الغائب إذا تعذر حضور جنازته.
وعليه؛ فإن الغريق شهيد عند الله في الأجر والثواب، غير أنه في الدنيا يُعامل معاملة سائر الموتى من حيث الغسل والتكفين والصلاة، إلا إذا تعذر العثور على جسده، فتصلى عليه صلاة الغائب بعد الحكم بوفاته