قمة واشنطن: كل ما تريد معرفته عن لقاء ترامب مع زيلينكسي وقادة أوروبيين

تتجه أنظار العالم اليوم، اليوم الإثنين، إلى البيت الأبيض في واشنطن، حيث تُعقد قمة تاريخية تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بمشاركة غير مسبوقة لعدد من قادة أوروبا البارزين، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات بين أوكرانيا وروسيا.
ويأتى اللقاء بعد أيام من قمة ترامب–بوتين في ألاسكا، التي أثارت جدلاً واسعاً حول فحواها، خاصة مع الحديث عن تفاهمات أولية على تجميد خطوط القتال الحالية مقابل تنازلات أوكرانية محتملة، وهو ما ترفضه كييف صراحة.
وقال البيت الأبيض إن ترامب سيلتقي أولا مع زيلينسكي في الساعة 1:15 بعد الظهر بالتوقيت الصيفي الشرقي (1715 بتوقيت جرينتش) في المكتب البيضاوي ثم مع جميع الزعماء الأوروبيين معا في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض في الساعة 3 مساء بالتوقيت الشرقي (1900 بتوقيت جرينتش).
مشاركة أوروبية ثقيلة
يحضر القمة عدد من أبرز القادة الأوروبيين، في رسالة واضحة لدعم أوكرانيا والوقوف في وجه أي اتفاق قد يُفرض على كييف، ومن بينهم:
إيمانويل ماكرون (فرنسا)
أورسولا فون دير لاين (المفوضية الأوروبية)
جورجيا ميلوني (إيطاليا)
فريدريش ميرز (ألمانيا)
كير ستارمر (بريطانيا)
مارك روته (الأمين العام لحلف الناتو)
وتهدف هذه المشاركة الرفيعة ، وفق دبلوماسيين، إلى منع عزلة زيلينسكي الدبلوماسية بعد قمة ألاسكا، وضمان بقاء أوكرانيا شريكاً كاملاً في أي ترتيبات أمنية أو سياسية.
ترامب: السلام ممكن.. ولكن بشروط
في منشوراته الأخيرة على منصة "تروث سوشال"، أكد ترمب أن اليوم سيكون "كبيراً في البيت الأبيض"، مشيراً إلى أن استضافة هذا العدد من القادة الأوروبيين يُمثل "شرفاً عظيماً لأمريكا".
أما فيما يخص الحرب، فقد أكد ترامب أن زيلينسكي يستطيع إنهاء الحرب "فوراً إذا أراد"، لكنه شدد في المقابل على أن استعادة القرم أو انضمام أوكرانيا إلى الناتو "أمران غير مطروحين على الطاولة"، ما يُشير إلى توجه نحو تسوية لا تشمل الشروط الأساسية لكييف.
واشنطن تطرح "ضمانات أمنية خارج الناتو"
بحسب تقارير من واشنطن بوست، تدرس إدارة ترامب تقديم "ضمانات أمنية قوية" شبيهة بالمادة الخامسة من الناتو، دون إدخال أوكرانيا في عضوية الحلف. هذه الضمانات قد تتضمن التزامات أميركية وأوروبية بالرد على أي اعتداء جديد، لكنها تبقى غير ملزمة قانونياً كما هو الحال في الناتو، ما يجعل مصداقيتها موضع شك لدى كييف.
زيلينسكي يرفض التنازلات
في تصريحات سبقت القمة، شدد زيلينسكي على أن أي مفاوضات يجب أن تبدأ من خطوط الجبهة الحالية، مؤكداً أن الدستور الأوكراني يمنع التنازل عن الأراضي. وأكد أيضاً أن أوكرانيا لن تقبل اتفاقات مؤقتة أو تسويات مجتزأة قد تُكرّس السيطرة الروسية على مناطق في دونباس أو القرم.
وفي حديثه لصحيفة كييف إندبندنت، قال زيلينسكي إن القمة "ستتناول كل التفاصيل لإنهاء القتل والحرب"، مطالباً بأن يكون القادة الأوروبيون "حاضرين في كل مرحلة من التفاوض".
تحذيرات أوروبية
وقد أعرب عدد من القادة الأوروبيين المشاركين عن دعمهم الكامل لزيلينسكي، محذرين من أي محاولة لعقد اتفاق بين واشنطن وموسكو دون موافقة كييف.
من جهتها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن "الضمانات الأمنية الحقيقية تبدأ باحترام السيادة الأوكرانية"، فيما قال المستشار الألماني ميرز إن "السلام لا يمكن أن يقوم على تنازلات قسرية".
تقارب غامض بين ترامب وبوتين
وقد وصفت قمة ترامب–بوتين في ألاسكا، التي جرت قبل أيام، استمرت ثلاث ساعات بـ"البنّاءة"، لكنها أثارت قلقاً أوروبياً وأوكرانياً واسعاً، بعد أن أشار بوتين إلى إمكانية قبول وقف إطلاق النار "في حال تنازلت كييف عن دونيتسك ولوهانسك".
وفي واشنطن، رأى المحللون أن ترامب خرج من القمة بمواقف أكثر ميلاً لموسكو، خاصة بعد إعلانه تخليه عن مطلب وقف إطلاق النار الفوري، مفضّلاً "اتفاق سلام شامل".
كما تُحذر تحليلات من Foreign Affairs Forum ومركز شاف للدراسات من أن ترامب قد يسعى إلى تمرير اتفاق يشمل صفقات اقتصادية، خصوصاً في قطاع المعادن والطاقة، مقابل تقليص الالتزامات الأمنية طويلة الأمد تجاه أوكرانيا.
وتشير هذه التحليلات إلى احتمال تقديم وعود "مشروطة ومؤقتة"، بينما يطالب زيلينسكي بضمانات حقيقية ومستقرة.
الإعلام الروسي: دعاية الانتصار وتجاهل الحرب
كما وصف الإعلام الرسمي الروسي قمة ألاسكا بأنها "انتصار دبلوماسي" لبوتين، وركّز على الاستقبال الأميركي الدافئ له كدليل على عودة روسيا إلى قلب المشهد الدولي. وفي المقابل، تم تقليل التركيز على ملف الحرب أو الضحايا، لصالح صورة روسيا كطرف موثوق في السلام.
قمة واشنطن
قمة اليوم في البيت الأبيض ليست مجرد اجتماع دبلوماسي رفيع، بل مفترق طرق حقيقي في مسار الحرب الأوكرانية. فيما يحاول ترامب تقديم نفسه كـ"صانع سلام"، يسعى زيلينسكي إلى تفادي فخ التسويات المجتزأة، مدعوماً بجبهة أوروبية لا تريد أن ترى كييف تُترك وحدها.