عاجل

هل يجوز للإنسان أن ينصح غيره وهو مقصر؟ عالم أزهري يجيب |خاص

علاء فتحي
علاء فتحي

أكد الدكتور علاء فتحي الغريزي، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن الواجب الشرعي على المسلم أن يجمع بين العمل بما يأمر به وترك ما ينهى عنه، موضحًا أن من يأمر غيره بالمعروف دون أن يلتزم به، أو ينهى عن المنكر وهو واقع فيه، فقد جمع بين ذنبين: التقصير في حق نفسه، ومخالفة ما يدعو إليه.

وأوضح الغريزي أن هذا السلوك مذموم في الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى ما ورد في قوله تعالى:﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: 44]، والتي جاءت على سبيل الإنكار لما كان عليه بعض بني إسرائيل من تناقض بين أقوالهم وأفعالهم، حيث كانوا يأمرون بالخير دون أن يعملوا به، مما يُعد خيانة للأمانة الدينية، وتشويهًا لصورة الدعوة.

التقصير الذاتي

ورغم ذلك، شدد الغريزي على أن التقصير الذاتي لا يُسقط واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لافتًا إلى أن النصيحة تبقى مشروعة ومطلوبة شرعًا حتى لو كان الناصح مقصرًا، ما دام صادق النية في إصلاح غيره، قائلًا: "الأكمل أن يبدأ الإنسان بإصلاح نفسه ليكون قدوة، لكن لا يجوز له أن يكتم الحق أو يمتنع عن النصح بسبب ذنوبه".

وفي ذات السياق، استشهد الغريزي بقول بعض العلماء:" من أمر بخير ولم يفعله، أو نهى عن شر ووقع فيه، فهو كالمريض الذي يدل الناس على الطبيب، وهو أحوج إليه منهم."

وأضاف أن الدعوة إلى الخير لا تنحصر في الكاملين أو المعصومين، بل هي تكليف عام لكل مسلم، مؤكدًا أن المثالية ليست شرطًا للنصيحة، بل الصدق والإخلاص هما الأساس، وقال: "الناصح المقصر قد يؤجر على نصيحته إن خلصت نيته، لكنه يؤثم على تقصيره في نفسه".

وختم الدكتور الغريزي حديثه بدعوة المسلمين إلى الموازنة بين الإصلاح الذاتي والدعوة إلى الخير، مؤكدًا أن العمل بما يأمر به الإنسان أولى وأكمل، لكنه لا يعفيه من مسؤولية النصيحة، حتى لا يُعد من الذين "يقولون ما لا يفعلون"، وهو ما ورد التحذير منه في غير موضع من القرآن الكريم.

عالم أزهري يحذر: الكذب من أخذ أجازة من العمل محرم شرعا 

 

حذر الشيخ علاء فتحي الغريزي ، أحد علماء الأزهر الشريف، من خطورة التوسع في الكذب تحت مسمى “الكذبة البيضاء”، خاصة ما يتعلق بالتحايل على الحصول على الإجازات في العمل من خلال ادعاء المرض أو التظاهر بوفاة أحد الأقارب.

وأكد الغريزي، في تصريحات خاصة ل " نيوز رووم "أن ادعاء المرض أو وفاة أحد الأقارب للحصول على إجازة هو من الكذب المحرَّم شرعًا، ولا يُعدّ “كذبة بيضاء” كما يظن البعض، بل هو تزييف للواقع وخيانة للأمانة، مشيرًا إلى أن ما يُبنى على باطل فهو باطل، حتى وإن كان في الظاهر أمورًا بسيطة.

وضرب الشيخ مثالًا بحديث نبوي عظيم، يكشف دقة النبي ﷺ في تربية النشء على الصدق، فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: “دعتني أمي يومًا ورسول الله ﷺ قاعدٌ في بيتنا، فقالت: هلمَّ أعطك، فقال لها رسول الله ﷺ: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرًا. فقال لها رسول الله ﷺ: أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتبت عليك كذبة” [رواه أبو داود].

 

وأوضح أن هذا الموقف النبوي يبيِّن أن الكذب – حتى ولو على الأطفال – أمرٌ مذموم، ويُحاسب عليه الإنسان، فكيف بمن يكذب على جهة عمله، ويتعلل بأعذار وهمية لأخذ إجازة دون وجه حق؟

وأشار إلى أن هذا التصرف يقع فيه البعض، لا سيما بعض الأمهات حين ترغب في البقاء مع أولادها أو السفر فتتحايل بادعاء وفاة عمة أو مرض خالة، وهذا كله لا يجوز. وبيّن أن الكذب يجرّ صاحبه إلى آثام أكبر، وقد يتعود عليه في مواقف أخرى، فيضعف ضميره ويفقد الثقة بينه وبين الناس.

واختتم الشيخ علاء فتحي حديثه قائلاً:
“الصدق منجاة، والكذب مهلكة.. ومهما كان الدافع، فالأجر والثواب في الالتزام بالحق أضعاف ما يتوهمه البعض من راحة مؤقتة بسبب كذبة صغيرة.”

 

ودعا العاملين والموظفين إلى التحلي بالأمانة، والصدق في النية والقول والعمل، فالرقابة الإلهية فوق كل رقابة بشرية، والله مطلع على السرائر.

تم نسخ الرابط