وثيقة سرية تكشف تغير موقف حماس وتربك حسابات نتنياهو بشأن غزة

كشفت القناة 12 العبرية عن وثيقة سرية وصلت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الساعات الماضية، تتضمن تقييمات من خبراء بارزين ومشاركين في مفاوضات التهدئة، تفيد بحدوث تحول جوهري في موقف حركة حماس تجاه المحادثات المتعثرة بشأن غزة.
حماس تقترح صفقة جزئية
وبحسب ما ورد في الوثيقة، فإن حماس أبدت اهتمامًا بإبرام "اتفاق جزئي" يتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن مقابل وقف إطلاق نار محدود في قطاع غزة. هذا التحول دفع مصر وقطر إلى اقتراح عودة فورية للمحادثات المباشرة بين إسرائيل والحركة.
كما أكدت مصادر مطلعة من داخل فريق التفاوض أن الوسطاء أبلغوا تل أبيب بتخفيف نبرة حماس خلال الـ24 ساعة الأخيرة، ما يفتح الباب مجددًا أمام صيغة تفاوضية مرنة.
خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية
في الوقت نفسه، تضع الوثيقة، التي أُرسلت إلى نتنياهو مساء الخميس، الحكومة الإسرائيلية أمام معضلة سياسية وأمنية معقّدة، خاصة في ظل إعلان نتنياهو المتكرر أنه يرفض أي صفقة جزئية، ويتمسك فقط باتفاق شامل ينهي الحرب بشروط تل أبيب.
وبينما لوّح وزراء من اليمين المتطرف مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالاستقالة في حال الموافقة على اتفاق محدود، يرى عدد من وزراء حزب "الليكود" أن مثل هذه الصفقة قد تمهد لإطلاق سراح 28 رهينة، وهو تطور لا يمكن تجاهله سياسيًا أو إنسانيًا.
في المقابل، تبرز أصوات داخل فريق التفاوض الأمني ترى أن التمسك بمبدأ "الكل أو لا شيء" لم يعد عمليًا، خاصة إذا كانت الصفقة الجزئية ستنقذ أرواحًا حقيقية من بين الرهائن المحتجزين.
من جهته، يدعم رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تسحي هنغبي، هذا التوجه، بينما يعارضه كل من رئيس الموساد ديدي برنياع ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، واللذان يدفعان باتجاه التمسك باتفاق شامل، وفق ما أبلغوه للوسيط القطري في الدوحة.
واشنطن تجهّز خطة لإنهاء الحرب
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الإدارة الأمريكية تتابع التطورات عن كثب، وتعمل على صياغة خطة دولية لإنهاء الحرب في غزة، بما يشمل نزع سلاح حماس وضمان عدم مشاركتها في الحكم مستقبلاً، في إطار صفقة شاملة تتضمن إطلاق جميع الرهائن.
ويرجح مراقبون أن واشنطن لن تدعم أي صيغة تفاوضية مجتزأة، مما يضع إسرائيل أمام اختبار سياسي حاسم بين مطالب الحلفاء وضرورات الواقع الميداني.
رغم كل الضغوط، تجنب نتنياهو الحديث علنًا عن فكرة الصفقة الجزئية خلال مؤتمره الصحفي الأخير، ما يعكس التردد والتوتر داخل مؤسسة القرار الإسرائيلي، في ظل تصاعد الجدل الداخلي واتساع الفجوة بين العسكريين والسياسيين.
وفي وقت تتباين فيه التقييمات حول دوافع حماس بين من يراها مناورة تكتيكية لكبح الهجوم البري على غزة، ومن يعتبرها فرصة لإنقاذ الأرواح تبدو إسرائيل أمام لحظة مفصلية: إما انتهاز نافذة التفاوض، أو الاستمرار في مسار الحرب المفتوحة بتكلفة باهظة.