تفاصيل|قمة ألاسكا التاريخية: لقاء ترامب وبوتين بين رسائل الحرب الباردة والسلام

وصلت طائرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب إلى قاعدة إلمندورف الجوية في ولاية ألاسكا، في مشهد استثنائي يمثل أول لقاء مباشر بينهما منذ عودة ترامب إلى الرئاسة في يناير الماضي.
تلك القمة التي عقدت في قاعدة عسكرية تعود إلى حقبة الحرب الباردة، وسط متابعة واسعة عبر موقع flightradar24 من أكثر من 300 ألف متابع ينتظرون مخرجات اللقاء.

أبعاد رمزية في اختيار ألاسكا ومظاهر الاستقبال
لم يكن اختيار ألاسكا محض صدفة، فهي نقطة التقاء جغرافية بين روسيا والولايات المتحدة، يفصل بينهما مضيق بيرينج، فضلاً عن أن ألاسكا كانت جزءًا من روسيا حتى منتصف القرن التاسع عشر، ما يضيف رمزية تاريخية للقاء.

وقد شهدت لحظة وصول بوتين عرضاً جوياً للطائرات الأمريكية المتطورة من طراز "بي-2 الشبح" و"إف-35"، فيما استقبل ترامب نظيره الروسي على السجادة الحمراء وسط حرس عسكري رسمي، مع تصفيق وابتسامات متبادلة، ما شكل مشهداً رمزياً قوياً يعكس أهمية القمة.

رسائل مشفرة في القمة
وقد أثار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف جدلاً واسعاً بظهوره مرتدياً قميصاً يحمل شعار "CCCP" (الاتحاد السوفيتي)، وهو ما فُسّر كرسالة سياسية رمزية أثارت غضباً أوكرانياً واسعاً واعتُبرت استفزازاً مباشراً في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.

في سياق اللقاء، ساد الصمت الافتتاحي للمؤتمر الصحفي، حيث تجنب الرئيسان الرد على أسئلة الصحفيين، خاصة بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مما أثار تساؤلات عن حقيقة التفاهمات التي تم التوصل إليها.
بوتين يركب سيارة ترامب ولقاء ودي غير معتاد
في لفتة غير مألوفة، رفض بوتين استخدام سيارته الرسمية وصعد إلى السيارة الرئاسية الأمريكية المصفحة برفقة ترامب، مما اعتبره المراقبون مؤشرًا على رغبة في بناء علاقات شخصية وتخفيف التوترات. وبدأ الحوار بينهما عملياً منذ لحظة اللقاء، حيث بدا الجو ودياً رغم الملفات الشائكة.
الوفود المرافقة
حضر القمة وفدان كبيران يضمّان أسماء بارزة من الكرملين والبيت الأبيض، يعكسان توازناً دقيقاً بين النفوذ السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، حيث ضم وفد بوتين وزير الخارجية سيرجي لافروف ومستشار السياسة الخارجية يوري أوشاكوف، ورئيس صندوق الاستثمار كيريل دميترييف، فيما ضم وفد ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو ومدير وكالة الاستخبارات جون راتكليف، بالإضافة إلى خبراء اقتصاديين وتجاريين.

نتائج القمة وتصريحات الزعيمان
أعلن بوتين أن اللقاء أسفر عن تأسيس اتصالات ممتازة مع ترامب، مع التأكيد على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في أوكرانيا تراعي المصالح الروسية، معبراً عن أمله في تطبيع العلاقات الثنائية.

بدوره، وصف ترامب اللقاء بـ"المثمر جداً"، مشيراً إلى أن بوتين يريد إنهاء الحرب ووقف الدماء، مع وعد بالتواصل مع الرئيس الأوكراني والقادة الأوروبيين لمتابعة العملية السياسية، مع التأكيد على تجاوز الخلافات القديمة والتركيز على بناء علاقة مستقرة تخدم السلام العالمي.
انتقادات إعلامية وغموض ما بعد القمة
رغم الأجواء الإيجابية المعلنة، أثار المؤتمر الصحفي اختصار ترامب في الكلام وغياب الأسئلة الصحفية تساؤلات حول شفافية اللقاء وواقعية النتائج المعلنة، حيث اعتبر البعض أن هناك نقاط خلافية لم تُحسم بعد، وأن الصمت الإعلامي يشير إلى تحفظات من الجانبين.
مغادرة القمة وسط إجراءات أمنية مشددة
غادر الرئيسان القاعدة الجوية بعد قمة استمرت 6-7 ساعات، وسط إجراءات أمنية مشددة تضمنت نشر قناصة ومركبات مدرعة ومراقبة جوية مكثفة، في مشهد يعكس حساسية وأهمية اللقاء في ظل التوترات الدولية.
ختامًا، قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين كانت محطة بارزة على طريق العلاقات الأمريكية-الروسية، تجمع بين رموز الحرب الباردة وأمال السلام، وتفتح باباً واسعاً للحوار رغم الأجواء المشحونة والتحديات الكبيرة التي تواجه الملفات الدولية، خاصة الملف الأوكراني.