تحت الرقابة الإسرائيلية المشددة: شاحنات المساعدات تدخل غزة وسط تفتيش دقيق

بدأت هدنة إنسانية جزئية، اليوم الأحد، بعدما أعلنت عنها إسرائيل في ثلاث مناطق داخل قطاع غزة، بالتزامن مع وصول أولى شاحنات المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، في خطوة قالت تل أبيب إنها تهدف إلى معالجة الوضع الإنساني المتدهور، وسط اتهامات متزايدة بالتجويع المتعمد وعرقلة وصول الإغاثة.
وصول قوافل "زاد العزة".. وتفتيش إسرائيلي دقيق
ودخلت 8 شاحنات مساعدات إلى منطقة زيكيم شمالي غزة، ضمن قافلة "زاد العزة.. من مصر إلى غزة" التي أطلقها الهلال الأحمر المصري. وأوضحت المصادر أن الشاحنات تخضع لتفتيش دقيق من الجانب الإسرائيلي باستخدام أجهزة إلكترونية وأدوات تفتيش يدوية قبل السماح بدخولها إلى القطاع المحاصر.
وتضم القافلة المصرية، أكثر من 100 شاحنة، تحمل نحو 1200 طن من المواد الغذائية، منها 840 طناً من الدقيق و450 طناً من الأغذية المتنوعة، في إطار الدعم المصري المتواصل لأهالي غزة في ظل المجاعة المتفاقمة.
مأساة متجددة
ورغم الإعلان عن الهدنة، لقيت طفلة مصرعها صباح الأحد بسبب الجوع وسوء التغذية، وفق ما أكدته مصادر طبية في مستشفيات غزة. كما أُعلن عن مقتل 38 شخصاً منذ فجر اليوم، بينهم 24 كانوا بانتظار المساعدات، مما يسلّط الضوء على هشاشة الوضع الإنساني واستمرار معاناة السكان رغم التصريحات الإسرائيلية.
تعليق جزئي للأعمال العسكرية في ثلاث مناطق
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، تعليقاً مؤقتاً للعمليات العسكرية في ثلاث مناطق: مدينة غزة شمالاً، دير البلح وسط القطاع، والمواصي جنوباً، على أن يُطبّق هذا التعليق يومياً من الساعة 10 صباحاً حتى 8 مساءً، حتى إشعار آخر.
وأشار البيان العسكري إلى أن العمليات القتالية "ستستمر خارج هذه المناطق"، محذّراً سكان غزة من التحرك خارج المسارات الإنسانية المقررة، ومؤكداً استعداده لتوسيع العمليات العسكرية إذا تطلب الأمر.
إسقاط جوي للمساعدات.. والجيش يتنصّل من المسؤولية
كما استؤنفت، ليلة السبت، عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية على شمال قطاع غزة، بمشاركة عدة دول أجنبية. وأوضح الجيش الإسرائيلي أن أولى عمليات الإسقاط تضمنت سبع حمولات تحتوي على الدقيق، السكر، والأغذية المعلبة.
وأكد الجيش أن مسؤولية التوزيع تقع على عاتق الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، داعياً هذه الجهات إلى "ضمان عدم وصول المساعدات إلى حماس"، حسب تعبيره، من دون توضيح آليات المراقبة.
ونقل موقع "واللا" الإسرائيلي عن مصادر أمنية أن تل أبيب قد تمنح حماس أياماً إضافية لاستئناف المفاوضات، قبل أن تُفعّل خططاً عسكرية جاهزة في حال فشل المحادثات. وأشارت المصادر إلى أن الجيش أعدّ سيناريوهات متعددة للمرحلة المقبلة، وسط انسداد المسار التفاوضي وتعثر جهود الوسطاء.
التعليق المؤقت
رغم ما وصفته إسرائيل بـ"التعليق المؤقت" للعمليات، إلا أن الجيش شدد في بيانه على أن "العمليات القتالية لم تتوقف"، بل أن ما يجري هو مهل إنسانية محددة في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب تصاعد غير مسبوق في الانتقادات الدولية ضد الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك من حلفاء تقليديين، إثر مقتل المئات من الفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة، إما جوعاً أو خلال محاولات الحصول على مساعدات.
هل هي هدنة إنسانية أم لعبة علاقات عامة؟
يرى مراقبون أن الخطوة الإسرائيلية الأخيرة لا تعبّر بالضرورة عن تحول استراتيجي في مسار الحرب، بل قد تكون جزءاً من حملة دعائية تهدف إلى تخفيف الضغط الدولي، لا سيما بعد موجة الانتقادات الحادة بسبب تدهور الوضع الإنساني وظهور تقارير وصور توثق المجاعة.