يسري جبر: ما منعك إلا ليعطيك.. هكذا تُبنى الثقة في الله

قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن الثقة بالله عز وجل لا تأتي فجأة، بل تُبنى بالتأمل والتفكر في مظاهر لطفه ورعايته الدائمة لعباده، منذ لحظة التكوين الأولى وحتى نهاية الرحلة في الدنيا وما بعدها.
العناية الإلهية
وأوضح الدكتور يسري جبر خلال حديثه في برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن استحضار لحظات العناية الإلهية يمنح القلب يقينًا لا يتزعزع، ويزيد من محبة العبد لربه، فيثمر ذلك ثقة مطلقة وطمأنينة في كل ما يقدّره الله.
ما منعك إلا ليعطيك
وأكد أن من أبرز صور هذه العناية، ما يتعرض له الإنسان من منع أو حرمان، قد يبدو في ظاهره شدة، لكنه في حقيقته لطف ورحمة، وربما كان وراءه دفع لشر، أو حفظ من فتنة، مستشهدًا بقول العارفين: "ما منعك إلا ليعطيك، وما أعطاك إلا ليمنعك".
وأضاف الدكتور جبر أن طريق الثقة في الله يمر بمحطات من التأمل في النعم: نعمة الخلق، والرعاية، والرزق، ووجود الأبوين، وإرسال الرسل، مؤكدًا أن كل هذه النعم لم يطلبها الإنسان، بل أنعم الله بها عليه من غير سؤال، مصداقًا لقوله تعالى: "وما بكم من نعمةٍ فمن الله".
وشدد جبر على أن بعض ما يُمنع عن الإنسان هو عين الرحمة، وربما لو أُعطي ما تمنى لكان في ذلك فتنة له أو طريق لمعصية، مشيرًا إلى قاعدة إيمانية عظيمة تقول: "ما منعك إلا ليعطيك، وما أعطاك إلا ليمنعك"، فالله لا يقدّر شيئًا عبثًا، بل كل أمر في علمه وخيرته.
وأوضح أن الثقة في الله تُثمر عن محبة عميقة، فإذا أحبّ العبد ربّه وثق بتدبيره، واطمأن قلبه لما اختاره الله له، عاش في سلام نفسي ورضا داخلي، فتتحوّل الابتلاءات إلى منح، والمِحن إلى دروس تربية إلهية.
واختتم حديثه مؤكدًا أن مفتاح هذه الثقة هو استشعار النعمة، لأن كل ما بالإنسان من خير هو من الله، حتى أعظم النعم كإرسال الرسل، ووجود الأبوين، والرعاية التي لم تُطلب لكنها أُعطيت بفضل الله لا بعمل أو استحقاق.