عاجل

تعيينات وزيادة المرتبات ونظام "البكالوريا الجديدة"..

للمعلمين والطلاب.. وزير التعليم يكشف ملامح خطته التعليمية الجديدة

محمد عبد اللطيف،
محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني

في توقيت بالغ الحساسية، وعقب إعلان نتيجة الثانوية العامة، ظهر الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في حوار مطوّل عبر برنامج "مساء DMC"، حيث أدلى بسلسلة من التصريحات التي وصفت بالاستراتيجية، نظرًا لما حملته من مضامين تمس جوهر النظام التعليمي في مصر، وتعيد ترتيب أولوياته، ليس فقط من حيث النتائج، بل من حيث الرؤية والفلسفة والآليات.

من نتائج الثانوية العامة إلى البكالوريا المصرية، إلى أزمة المعلمين والكثافة الطلابية، وصولاً إلى التعليم الفني والتحول الرقمي، فتح الوزير جميع الملفات دفعة واحدة، معلنًا عن ما يمكن اعتباره "خريطة إصلاح جذري" تتطلب إرادة سياسية، وتوافقًا مجتمعيًا، وسنوات من العمل المستمر.

الثانوية العامة… لا يوجد تسريب

صرح الدكتور محمد عبد اللطيف أن امتحانات الثانوية العامة هذا العام سارت بنزاهة وانضباط غير مسبوقين، ولم تُسجل فيها أي حالة تسريب أو خروقات جسيمة،هذا النجاح  بحسب وصفه  جاء ثمرة لتشديد الإجراءات الرقابية، وتفعيل أدوات التكنولوجيا في تأمين الكنترولات وطباعة الامتحانات ومراقبة اللجان.

ورغم تحفظه على إعلان الأرقام التفصيلية خلال اللقاء، فقد أوضح عبد اللطيف أن نسب النجاح "تعكس تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالأعوام السابقة، لكن دون أن يورط نفسه في الحديث عن قفزات، بل فضل تبني لغة حذرة في التعامل مع النتائج.

وأكد أن الوزارة ستقدم تحليلاً علميًا مفصلاً لأداء الطلاب، من حيث مستويات التفكير، وقدرات التحليل، وليس فقط من حيث الدرجات المجردة، لأن التقييم في النظام الجديد لا يجب أن يكون رقمًا فقط.

وأشار إلى أن هناك مؤشرات سيتم أخذها بعين الاعتبار في تنسيق الجامعات، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، تشمل ليس فقط المجموع، بل الكفاءات النوعية المرتبطة بكل مسار دراسي، ما يشير إلى تقارب تدريجي بين المدرسة والجامعة، وهو توجه طال انتظاره.

ثانيًا: نظام البكالوريا المصرية… فلسفة جديدة أم مغامرة مؤجلة؟

ربما كان هذا هو العنوان الأبرز في تصريحات الوزير، فقد أكد محمد عبد اللطيف أن النظام الجديد، المعروف بـالبكالوريا المصرية، ليس مجرد تغيير شكلي في بنية الامتحان، بل هو تحول جذري في فلسفة التقييم والتعلم.

ماذا يعني البكالوريا المصرية؟

النظام، كما أوضح الوزير، يتضمن أربعة مسارات تعليمية رئيسية:

                1.  العلوم الطبية والحيوية

                2. الهندسة وعلوم الحاسب

                3. الآداب والفنون

                4. قطاع الأعمال

وتم استحداث هذا الأخير ليواكب تطورات الاقتصاد وسوق العمل المحلي والدولي، وهو ما اعتبره كثير من التربويين نقلة نوعية نحو تنويع خيارات الطلاب ، أما عن الفروقات بينه وبين النظام القديم، فأشار عبد اللطيف إلى أن البكالوريا تتخلى عن مبدأ الفرصة الواحدة، وتتبنى آلية التقييم التراكمي، بحيث يتم تقييم الطالب على مدار عامين أو ثلاثة، ما يخفف الضغط النفسي، ويمنح فرصًا متعددة للتعلم والتطور.

وأكد أن هذا النظام يتطلب تعديلاً تشريعيًا في مجلس النواب، وحوارًا مجتمعيًا واسعًا، لضمان قبوله وتطبيقه دون صدمات تربوية أو اجتماعية.

الكثافة داخل الفصول… لا يوجد فصل يتجاوز 50 طالبًا

واحدة من أكثر النقاط أهمية  في تصريحات الوزير كانت قضية التكدس داخل الفصول، خاصة في المناطق الحضرية والريفية ذات الكثافة السكانية العالية.

و قال الوزير إن الوزارة نجحت خلال عام واحد فقط في استحداث نحو 98 ألف فصل جديد، دون تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية، عبر حلول ابتكارية مثل:استغلال الغرف الفارغة (كنترولات، مخازن، غرف أنشطة و تطبيق نظام الفصل المتحرك و الشراكة مع القطاع الخاص في إنشاء مدارس جديدة

ولكن يظل التساؤل قائمًا: هل العدد 50 طالبًا هو المثالي أم الاضطراري؟

هنا فضّل الوزير لغة الواقعية، وقال: هذا هو الحد المقبول في ظل إمكانات الدولة الحالية، ونحن نعمل على تقليله تدريجيًا.

أزمة المعلمين… من النقص إلى التصحيح الوظيفي

من أكثر النقاط إلحاحًا في منظومة التعليم المصري، منذ سنوات، كانت وما زالت هي العجز في أعداد المعلمين، حيث كشف عبد اللطيف أن نحو 469 ألف معلم كانوا يمثلون حجم العجز الكلي في الجهاز التعليمي، ولكن الوزارة تعاملت مع الأزمة عبر عدة محاور:

                •  مسابقة لتعيين 30 ألف معلم سنويًا

                • تعديل النصاب الأسبوعي للحصص

                • زيادة عدد أسابيع الدراسة من 23 إلى 31

                • استقدام معلمي الحصة

                •  تغيير المسميات الوظيفية لأخصائيي التدريس والإرشاد لتغطية العجز

وأكد الوزير: لا يوجد فصل حاليًا بدون معلم في أي مادة أساسية، وهي جملة تحمل في طياتها وعودًا بالاستقرار، لكنها تنتظر التحقق ميدانيًا.

وأضاف  الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، أنه في القريب العاجل ستكون هناك أخبار إيجابية تتعلق برواتب المعلمين وأجورهم.

 التعليم الفني… قاطرة المستقبل

أكد الوزير أن التعليم الفني لم يعد هامشيًا في سياسات الوزارة، بل هو الآن محور رئيسي في تطوير الموارد البشرية في مصر،مشيرًا  إلى أن هناك طلبًا متزايدًا من سوق العمل على خريجي مدارس التكنولوجيا التطبيقية، وأن الوزارة بدأت في تطوير المناهج، بالتعاون مع القطاعات الصناعية، لتكون قائمة على الجدارات وليس على الحفظ.

وأوضح عبد اللطيف أن رؤية مصر 2030 ترى التعليم الفني كمحور أساسي لجذب الاستثمارات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المهارات.

التحول الرقمي لم يعد رفاهية

كان لافتًا أن الوزير تحدث بإسهاب عن التحول الرقمي، مؤكدًا أن التعليم المصري يسير نحو منظومة تعتمد على:   المحتوى الإلكتروني التفاعلي    وأجهزة التابلت للمرحلة الثانوية و تدريب المعلمين على الوسائل الرقميةمع اضافة المنصات الرسمية للتعلم الذاتي

وقال: نحن لا نستخدم التكنولوجيا لمجرد الاستخدام، بل ندمجها في فلسفة التعليم، في التقييم، وفي التفاعل داخل الفصل.

وشدد على أن الوزارة تتابع أداء الطلاب والمعلمين عبر تقارير إلكترونية دورية، تصدرها إدارة الجودة، لضمان فعالية العملية التعليمية.

الدروس الخصوصية… الظاهرة مستمرة والبدائل مطروحة

لم يتجاهل الوزير أحد أكثر الملفات اشتعالًا في الشارع المصري، وهو ملف الدروس الخصوصية والسناتر، والذي أصبح عبئًا ماليًا ونفسيًا على أغلب الأسر.

و أكد عبد اللطيف أن الوزارة لا يمكنها منع الدروس بقرار إداري فقط، بل يجب أن تقدم بدائل جاذبة داخل المدرسة، أبرزها:  مجموعات التقوية بأسعار رمزية،    المعلم الشهير داخل الفصل،المنصات الرسمية المحدثة،التفاعل الأسبوعي مع الطلاب عبر تقييمات قصيرة

وأكد أن هدف الوزارة ليس فقط محاربة الظاهرة، بل تحويل المدرسة إلى مركز جذب حقيقي للطالب، وهذا يتطلب بحسب تعبيره تغييرات في المناهج، والتقييم، والمعلم.

المعلم المصري هو حجر الزاوية

قال الوزير إن المعلم المصري هو حجر الزاوية، ومن أكفأ المعلمين في العالم، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على تقييم أدائه بانتظام من خلال إدارات الجودة، وتمنحه مساحات أكبر للتدريب، والتحفيز، والتميز.

وكشف الوزير عن قرب صدور أخبار سارة تتعلق بزيادة مرتبات المعلمين، دون تحديد أرقام أو مواعيد، لكنه شدد على أن الحكومة تؤمن بقدسية الدور الذي يلعبه المعلم.

مادة الدين والهوية

كان لافتًا في تصريحات الوزير إشارته إلى أن مادة التربية الدينية يحظى بأهمية خاصة وأن اعتبارها مادة خارج المجموع مفهوم خاطئ يجب تغييره.،مؤكدًا أن الوزارة تراجع حاليًا دور المادة في بناء الهوية والضمير الجمعي، وتسعى إلى إعادة الاعتبار لها من حيث المضمون والتقييم، ضمن خطة تطوير المناهج.

رؤية شاملة واستراتيجية طويلة المدى

و اختتم الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني تصريحاته بالتأكيد على أن الوزارة تعمل وفق رؤية مصر 2030، وليس تحت ضغط اللحظة، مضيفَا نحن لا نتعامل فقط مع تعليم اليوم، بل مع مصر بعد 20 و30 عامًا.

وأكد أن الوزارة تراجع السياسات التعليمية أسبوعيًا، وتستمع إلى مديري المدارس والإدارات مشيرًا إلى أنه التقى حتى الآن بأكثر من 18 ألف مدير مدرسة لوضع قرارات واقعية، نابعة من الميدان.

تم نسخ الرابط