محلل فلسطيني: إسرائيل تمارس «القتل البطيء» في غزة عبر التجويع

أكد الدكتور ماهر صافي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن ما يتعرض له سكان قطاع غزة لم يعد مجرد حرب تقليدية أو انتهاكات عسكرية، بل تحوّل إلى سياسة ممنهجة لـ"القتل البطيء" عبر التجويع، مشيرًا إلى أن إسرائيل تجاوزت كل الأعراف والقواعد الإنسانية والدولية، في ظل صمت دولي وصفه بـ"المريب"، وتواطؤ أمريكي واضح.
وفي مداخلة هاتفية له عبر قناة "إكسترا نيوز"، شدد صافي على أن "ما نشاهده اليوم في غزة يتجاوز كل وصف، أطفال يُدفنون وهم جياع، وأمهات يودّعن أبناءهن بسبب فقدان وجبة أو كيس دقيق، الأمر الذي يُظهر أن الاحتلال الإسرائيلي بات يستخدم الغذاء كسلاح إبادة جماعية".
التهجير القسري
وأضاف: "السياسة الإسرائيلية لم تعد تكتفي بالأرض المحروقة أو التهجير القسري، بل انتقلت إلى مرحلة أخطر، وهي ترك المدنيين يموتون ببطء عبر حصار شامل ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية، وسط تجاهل متعمد لكل النداءات الإنسانية".
وأشار صافي إلى أن "المواطن في غزة أصبح بين خيارين: إما الموت تحت القصف أو الموت جوعاً، ومع ذلك يضطر الآلاف إلى المجازفة بحياتهم لمحاولة الحصول على مساعدات أو مواد غذائية، وهم يعلمون أن خطوتهم هذه قد تكون الأخيرة".
وطالب الدكتور ماهر صافي المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، بضرورة التحرك الفوري لوقف هذه "الجريمة المركبة"، وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وفتح ممرات آمنة لإدخال الغذاء والدواء للمدنيين المحاصرين في القطاع.
تواطؤ المؤسسات الدولية وتغيب العدالة
ونوه صافي إلى أن المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية، بما فيها مجلس الأمن، قد فشل فشلاً ذريعاً في وقف هذه الجرائم أو حتى توصيفها بشكل صريح، موضحا أن إسرائيل لم تعد تخشى الإدانات الشكلية أو البيانات الدبلوماسية، لأنها تدرك أن لا خطوات فعلية ضدها، لا من أوروبا، ولا من أمريكا، ولا من أي هيئة أممية.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية نفسها متورطة في هذه الجريمة، من خلال دعمها المستمر لإسرائيل، وتغاضيها عن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، متذرعة بمزاعم أمنية وسياسية لا تبرر بأي حال قتل الأطفال وتحويلهم إلى هياكل عظمية.
فشل رواية حماس وتواطؤ الإعلام الغربي
وأوضح صافي أن إسرائيل تروج لرواية مكررة بأن حركة حماس تعرقل إدخال المساعدات أو تستولي عليها، وهي حجة ساقطة وفق المعطيات الميدانية، مشيراً إلى أن حماس وافقت على معظم المقترحات الأممية والوساطات، بما فيها مبادرة "ستيف ويتكوف"، بينما تواصل إسرائيل التلكؤ والمراوغة لإطالة أمد الحرب.
وأكد أن الإعلام الغربي والمؤسسات الأوروبية يواصلون ترويج هذه المزاعم دون مساءلة، رغم أن الاحتلال هو من يعرقل ويقصف الممرات الإنسانية، ويمنع دخول الإمدادات، ويمارس سياسة تجويع ممنهجة، وسط استهداف مباشر لطوابير الانتظار على المعابر والنقاط المخصصة لتوزيع المساعدات.
مخطط التهجير ما زال قائماً.. ولكن بآلية جديدة
وأشار صافي إلى أن الهدف النهائي من هذه السياسات لا يزال هو التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، ولكن بعد أن فشل السيناريو المباشر، انتقل الاحتلال إلى سيناريو "الإبادة الصامتة" لخلق واقع إنساني كارثي يُمهّد لنقل السكان قسراً، عبر مشروع "المدينة الإنسانية" التي تحدث عنها مسؤولون إسرائيليون، وتهدف لاستيعاب أكثر من 600 ألف فلسطيني في مناطق بديلة، ضمن خطة تهجير ممنهجة.