انسحاب أمريكا من اليونسكو: تاريخ من التوترات والقرارات المتكررة

شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) سلسلة من الانسحابات والتوترات على مدار العقود الماضية، تعكس خلافات سياسية واستراتيجية حول إدارة المنظمة وأهدافها. وفي هذا التقرير نرصد لكم القصة الكاملة لتاريخ انسحاب أمريكا من اليونسكو.
الانسحاب الأول في عام 1984
في عام 1984، أعلنت الولايات المتحدة انسحابها الأول من اليونسكو خلال إدارة الرئيس رونالد ريغان. جاء هذا القرار على خلفية انتقادات واشنطن لإدارة اليونسكو، التي اتهمتها بتبني سياسات غير فعالة وتحيزات ضد المصالح الأمريكية، بالإضافة إلى تخوفات من استخدام المنظمة كمنصة سياسية تدعم أطرافًا معادية للولايات المتحدة. استمر الانسحاب حتى عام 2003.
العودة في 2003
بعد توقف دام حوالي عقدين، أعادت الولايات المتحدة انضمامها إلى اليونسكو في 2003 خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، في محاولة لتعزيز التعاون الدولي في مجالات التعليم والثقافة والعلوم، وللعب دور فاعل داخل المنظمة.
الانسحاب الثاني في 2017
في أكتوبر 2017، أعلنت الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب انسحابها الثاني من اليونسكو، معلنة أسبابًا متعددة بينها ما وصفته بـ "التحيز ضد إسرائيل" و"الإصلاحات الإدارية غير الكافية" داخل المنظمة. وقد كان هذا الانسحاب فعليًا اعتبارًا من 31 ديسمبر 2018، وأدى إلى توقف التمويل الأمريكي الذي كان يمثل حوالي 22% من ميزانية اليونسكو.
الانسحاب الثالث في 2025
أعلنت الولايات المتحدة أمس الثلاثاء عن نيتها الانسحاب مجددًا من منظمة (اليونسكو)، مبررة قرارها بما تصفه بـ"التحيز ضد إسرائيل"، وذلك بعد عامين فقط من عودتها إلى المنظمة.
وأبلغت الولايات المتحدة المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، رسميًا بقرار الانسحاب، مشيرة إلى أن استمرار المشاركة في المنظمة لم يعد يصب في المصلحة الوطنية الأمريكية.
وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إن الرئيس دونالد ترامب اتخذ هذا القرار بسبب دعم اليونسكو لمبادرات لا تتوافق مع المصالح الأمريكية. وأضافت في تصريحات لصحيفة "نيويورك بوست": "اتخذ الرئيس ترامب قرار الانسحاب من منظمة تدعم مبادرات ثقافية واجتماعية تتعارض تمامًا مع السياسة التي اختارها الشعب الأمريكي في نوفمبر".
واتهمت كيلي اليونسكو بأنها تميل لصالح الصين، مشيرة إلى أن نائب المدير العام للمنظمة هو مواطن صيني يُدعى شينغ كو، ما يعكس استخدام بكين لنفوذها داخل اليونسكو لتعزيز معايير عالمية تخدم مصالحها.
وبحسب المادة الثانية (6) من دستور اليونسكو، سيدخل انسحاب الولايات المتحدة حيز التنفيذ في 31 ديسمبر 2026، وستبقى الولايات المتحدة عضواً كاملاً في المنظمة حتى ذلك التاريخ.
الأسباب الرئيسية للانسحابات
اتهمت الولايات المتحدة المنظمة مرارًا بالتأثر بسياسات ودعم بعض الدول التي تُعتبر معادية للمصالح الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. كما شككت واشنطن في كفاءة الإدارة داخل اليونسكو، مطالبة بإصلاحات عميقة. وفي بعض الحيان،كانت أحيانًا أسباب اقتصادية وراء قرارات الانسحاب، مع تحفظات على كيفية إنفاق الأموال.
تأثير الانسحابات على اليونسكو
وقد أثر انسحاب الولايات المتحدة بشكل كبير على ميزانية المنظمة وقدرتها على تنفيذ برامجها، كما أن غياب الدور الأمريكي أدى إلى تغير ديناميكية التأثير داخل مجلس اليونسكو، مما أثّر على مواقف المنظمة تجاه بعض القضايا الدولية.