عاجل

ما حكم قيام جماعة من النساء بدفن المرأة المسلمة؟ الإفتاء توضح الحكم

المقابر
المقابر

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه لا حرج شرعًا في أن تتولى النساء دفن المرأة المسلمة إذا لم يوجد من الرجال من يقوم بذلك، بل ذهب بعض فقهاء المالكية والحنابلة إلى أن قيام النساء بدفن المرأة أولى من أن يتولى دفنها رجال أجانب ليسوا من محارمها ولا من ذويها، كالزوج، لما في ذلك من صيانة حرمتها وصون جسدها عن النظر الأجنبي

حكم قيام جماعة من النساء بدفن المرأة المسلمة

من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الأولى بتولي دفن المرأة المسلمة هو زوجها ثم محارمها من الرجال، بحسب الأقرب فالأقرب، والمحارم جمع “محرم”، وهو من لا يجوز له نكاح المرأة على وجه التأبيد، سواء بسبب النسب، أو الرضاع، أو المصاهرة. وقد قال ابن عابدين في “رد المحتار” (2/145): “المحرم هو من لا تحل له مناكحتها أبدًا بسبب القرابة أو الرضاع أو المصاهرة، ويدخل في ذلك بنت المزني بها مثلًا، فهي محرّمة عليه أيضًا، كما جاء في كتب المذهب الحنفي”.

فإن لم يوجد زوجٌ للمتوفاة ولا أحد من محارمها أو أقاربها الذكور، جاز أن يدفنها أحد الرجال الأجانب من أهل الصلاح والديانة، كما ثبت في حديث البخاري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر دفن إحدى بناته، وقال: «هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟» فقال أبو طلحة: أنا، فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنزول في قبرها، فنزل.

وقد علّق الكاساني في “بدائع الصنائع”  على ذلك قائلًا: “المحرم من ذوي الرحم أولى بإدخال المرأة القبر، لأنه كان يجوز له ذلك في حياتها، فكذا بعد وفاتها، فإن لم يوجد من المحارم أحد، فلا بأس أن يقوم الأجنبي الصالح بدفنها”.

وذكر النووي في “المجموع” (5/289-290) أن أبا طلحة رضي الله عنه كان أجنبيًا عن بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك تولّى الدفن لكونه من الصالحين، ولعدم وجود أحد من محارم المتوفاة أو زوجها ليقوم بذلك، مشيرًا إلى أن النساء وإن كن حاضرات، لم يُشرع لهن تولي إدخال القبر والدفن في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد خلفائه.

لكن إذا لم يوجد رجال على الإطلاق لتولي الدفن، جاز للنساء أن يقمن بدفن المرأة المسلمة. فقد قال البهوتي في “كشاف القناع” (2/132-133): “بعد الرجال المحارم، يأتي دور الرجال الأجانب، كما في قصة أبي طلحة مع بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم يوجد أحد من الرجال، فحينها يجوز للنساء الأقرب فالأقرب منهن أن يتولين دفنها”.

وقد رجّح بعض فقهاء المالكية والحنابلة تولي النساء دفن المرأة على الرجال الأجانب عند غياب الزوج والمحارم. فقد قال المواق في “التاج والإكليل” (3/43): “إن لم يوجد محارم، فالنساء أولى، فإن لم يوجدن، فالصالحون من الرجال”، وذهب ابن حبيب وأصبغ إلى تقديم النساء الكبيرات (القواعد) على الرجال الأجانب.

أما الزركشي الحنبلي فذكر في “شرح مختصر الخرقي” (2/321) أن النساء أحق بدفن المرأة إذا لم يوجد محرم، لأنهن أحق بغسلها، وللنساء النظر إليها، فيقدمن على غيرهن. وأضاف أبو البركات أن ذلك إذا لم يكن في تولي النساء للدفن محذور، بينما رأى الإمام أحمد أن الأفضل ألا تتولى النساء الدفن، وهذا الرأي عند بعض العلماء أرجح.

وعليه، فإن ترتيب الأولوية في دفن المرأة المسلمة يبدأ بالزوج، ثم المحارم، فإن تعذر ذلك فالصالحون من الرجال، وإذا لم يوجد رجال أصلًا، جاز للنساء أن يقمن بالدفن، وقد يُقدَّمن على الرجال الأجانب عند بعض أهل العلم، خصوصًا إذا لم يترتب على توليهن للدفن ضرر أو حرج.

تم نسخ الرابط