ما حكم رد الهدية من دون سبب شرعي؟ الإفتاء توضح الحكم

أشارت دار الإفتاء المصرية أن الإسلام حثّ على التهادي لما في ذلك من تعميق أواصر المحبة، وزيادة الألفة والمودة بين الناس، وإزالة الأحقاد والضغائن، وتقوية روابط الإخاء، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحثّ على تبادل الهدايا ويقبلها بنفسه.
فقد جاء في “صحيح البخاري” عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ»، في إشارة إلى تواضعه الشريف، وقبوله للهدية مهما كانت بسيطة.
ماذا يقول العلماء؟
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن قبول الهدية أمرٌ مستحب، لا واجب، كما قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (7/ 134-135): “الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور: أنه يُستحب قبول الهدية”، وهو ما يدل على ما للهدايا من أثر إيجابي في تقوية العلاقات الإنسانية.
كما نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ردالهدية دون وجود سبب معتبر، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال كما في “مسند أحمد” و”صحيح ابن حبان”: «أَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ».
وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد عن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ، وَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ».
وقال الإمام ابن حبان في كتابه “روضة العقلاء ونزهة الفضلاء” (ص: 242): “نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث عن ردّ الهدايا بين المسلمين، فالواجب على المسلم إذا أُهدي إليه شيء أن يقبله، ثم يُكافئ عليه إن استطاع، ويشكر المُهدي، وأرى من الأفضل أن يتبادل الناس الهدايا فيما بينهم، فإنها تجلب المحبة وتُذهب الشحناء”.
وعليه؛ فإن قبول الهدية مشروع ومستحب، وردّها مكروه ما لم يكن هناك سبب شرعي يبرر الامتناع عنها، ويُستحب لمن امتنع عن قبول هدية لعذر أن يُبيِّن السبب لمُهديها؛ دفعًا للحرج، وحفاظًا على المودة، وجبرًا للخاطر