من 325 جنيه لـ 700 ألف.. قصة الحاجة “ روح” أول من أسست شركة لزيارة بيت الله

في شقة متواضعة بحي طنطا ، ولدت فتاة حملت اسم "روح" كرمز للبهجة التي أضافتها إلى أسرتها، لم تكن تعلم أن هذا الاسم سيرتبط لاحقًا بأكبر شركة حج وعمرة في مصر، ليصبح علامة تجارية تختزل ثقة الملايين من المصريين والعرب في رحلاتهم إلى الأراضي المقدسة، "روح شرف" ليست مجرد سيدة أعمال، بل قصة كفاح استثنائية تحوّل فيها الحلم البسيط إلى إمبراطورية سياحية، واختلطت فيها العزيمة بالذكاء والتحدي بالفرص، لتصبح أيقونة في عالم السياحة الدينية.

البداية من طنطا.. من هي الحجة "روح"
في حوار مع الاعلامي محمود سعد كشفت "روح شرف" السيدة التي حجت 50 مرة ، وأسست أول شركة سياحية متخصصة في الحج والعمرة ، تفاصيل مسيرة مليئة بالتحديات ،وُلدت روح شرف في طنطا، وتربت في أسرة ميسورة الحال مكونة من 8 افراد ،والدها كان تاجر أخشاب كبير، ووالدتها ربة منزل، درست في مدارس فرنساوي ، ثم انتقلت إلى المدرسة الثانوية، لكن زواجها المبكر في سن السادسة عشرة قطع حلمها بإكمال التعليم، تقول ضاحكة "كنت شاطرة، لكن الزواج غيّر مساريو أنصح كل الأهالي ألا يُجبروا بناتهم على الزواج مبكرًا" .
أول رحلة حج غيرت حياتها
في أول رحلة حج لها مع زوجها وحماتها في سن الثامنة عشر ، حدث ما لم تتوقعه: دخلت الكعبة المشرفة تروي بتأثر: "جدتي كانت من الأشراف، وطلبت مني أن أعطى أهلها في السعودية بعض الهدايا ، ففتحوا لنا باب الكعبة، صليت في الداخل، وزوجي وحماتي بكيا من الفرح، وأعطوني قطعة من الكعبة القديم، وظللت أحتفظ بها كذكرى.
من التميم إلى تأسيس شركة سياحية
بعد تأميم ممتلكات زوجها في الستينيات، انتقلت مع أسرتها إلى القاهرة بلا مال، بدأت العمل في شركة سياحية، ثم أسست شركتها الخاصة "جولدن تورز" عام 1974، متحديةً كل الصعوبات " ورثت عربية شفروليه كبيرة من ميراث أبي، وجعلتها رأس مال للشركة".
وقالت لم تكن فكرة أن تمتلك امرأة شركة خاصة أمراً مألوفاً، فتقول الحاجة "روح "روحت الوزارة قالوا لي: إيه ده؟ إنتِ عايزة تعملي إيه؟ مفيش ست عندها شركة في مصر، لكن إصراري دفعني لتسجيل الشركة تحت اسم "جولدن"، قبل أن يتحول الاسم لاحقاً إلى "روح شرف"، الذي ارتبط بمسيرة كفاح استمرت لأكثر من 40 عاماً.
وتابعت في السبعينيات كانت رحلات الحج تنطوي على مشاقّ لا تُحتمل،حيث تذكر "روح" كيف استلهمت فكرة تطوير الخدمات و قلت للناس الحج هيبقى سهل كانت هذه الخطوة الأولى في مسيرة طويلة من الابتكار، حيث أدخلت مفاهيم جديدة مثل الرحلات الجماعية المنظمة، وتأمين الإقامة الفاخرة، وحتى توفير مرشدين طبيين.
أولى خطوات التحدي: من الخيام إلى التواليتات من أمريكا
لم تكن رحلات الحج في ذلك الوقت كما هي اليوم، تصف "روح" الأوضاع بأنها كانت “بهدلة”و الناس كانت بتسافر بالقرعة، والخيم في عرفة كانت بدائية، والتواليتات كارثية، قررت أن تبدأ بالتغيير من حيث لا يتوقع أحد: "شحنت 40 تواليت من أمريكا للسعودية.. لما وصلت لقيت امير مكة اللي شغّلهم في مخيمه، لم استسلم، بل أصرت على استرداد حقي، لتبدأ أولى خطوات تطوير خدمات الحجاج.
بدأت أول رحلة حج بتنظيمها عام 1975 بتكلفة 325 جنيهاً للحاج (شاملة الطيران والإقامة والطعام)، وكانت الرحلة الوحيدة المنظمة خارج "حج القرعة" اليوم، تحمل شركتها اسم "روح شرف"، ونظمت رحلات لأكثر من مليون و700 ألف حاج، وفقاً لإحصاءات الشركة.
وأضافت “كنت أول من أدخل جهاز التكييف في خيام عرفة، وفرش المراتب، ووزع الهدايا على الحجاج”و تضيف ضاحكة الاوتيلات كانت بتقول لي"كسفتينا.. أنتِ جاية تعلمينا الشغل"
وعند سؤالها عن سر نجاحها، ترد ببساطة “ما كنتش بحسب هكسب كام.. كنت بس عايزة الناس ترجع مبسوطة وتدعي لي”، مؤكده أنها لم تخطط لتحويل الحج إلى "صناعة"، بل كان هاجسها الوحيد هو توفير كرامة للحجاج "كان عندي شغف أخدم الناس بأي طريقة".
لم تخلُ مسيرتها من المآسي، أبرزها فقدان ابنها الأكبر "إبراهيم"، الذي كان طياراً "ما نقدرش نتكلم في الموضوع ده.. دي جروح ما بتندملش" وقدر ربنا .
"هعمل رحلات للناس اللي مش قادرة في 2026 "
على الرغم من تقاعدها، لم تتوقف أحلامهاو تكشف عن خطتها الجديدة"عايزة أعمل رحلات حج بسعر مخفض.. بلاش أوتيلات فاخرة.. عشان اللي ميقدرش".
إرث عائلي وإنجازات مستمرة
سلّمت الحجة روح شرف إدارة الشركة لابنتها إيمان وحفيدها محسن، الذين طوروا الخدمات باستخدام التكنولوجيا، وتفتخر بأن جميع أبنائها نجحوا في حياتهم، رغم الألم الذي خلفه رحيل ابنها الأكبر إبراهيم في حادث مؤلم.