عاجل

«هدعي على ولادي».. الأزهر والإفتاء يوجهان رسالة إلى إبراهيم سعيد

 إبراهيم سعيد
إبراهيم سعيد

وجه إبراهيم سعيد لاعب المنتخب المصري السابق، تساؤولًا للأزهر ودار الإفتاء بشأن أبنائه بعد شهادتهم ضده في المحكمة وحبسه على خلفية دعوى نفقة، حيث تساءل «سعيد» قائلًا: «عاوز أعرف من دار الإفتاء وشيخ الأزهر، أعمل إيه في أسرتي بعد اللي عملوه فيا؟ أدعيلهم ولا أدعي عليهم .. مينفعش حد يبعت فلوس لأولاده ويقولهم "امضوا على الأكل واللبس اللي جبته"، مش زعلانين وإنتم واقفين قدام القاضي وتشهدوا ضد أبوكم؟، مش عارف أدعي ولا أدعيلكم، بتمنى ربنا يلهمني، أنا في موقف صعب».    

حكم نفقة الصغير.. هل يأثم المتهرب منها؟

قالت الإفتاء إن النفقة حقٌّ للصغير على أبيه، فإذا قصَّر الأب ولم يقم بالإنفاق على أولاده وهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه يكون آثما شرعًا، مشيرة إلى أن الله سبحانه وتعالى أوجب للأبناء على الآباء القيام بجميع ما يحتاجونه من نفقة طعام وملبس ومسكن وغير ذلك بحسب العرف لأمثالهم على مثله؛ قال تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، فالمولود له هو الأب، وقد أوجب الله تعالى عليه رزق النساء لأجل الأولاد؛ فتكون نفقة الأولاد عليه واجبة من باب أولى، ولقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطَّلاق: 6]؛ إذ إيجاب الأجرة لإرضاع الأولاد يقتضي إيجاب مؤْنتهم والإنفاق عليهم.

وروى الشيخان في "صحيحيهما" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ؟ فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وقال العلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني": [ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده، الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم].

وقد نصت المادة 18 مكررًا ثانيًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م على أنه: "إذا لم يكن للصغير مالٌ فنفقته على أبيه".

يحرم على الزوجة والمطلقة رفع دعوى نفقة في هذه الحالة

بدوره، أكدت أمين الفتوى بالإفتاء الدكتور محمد الأدهم في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم» أن الأصل أن يقوم الزوج بالانفاق على الزوجة والصغار بتوفير الطعام والملابس والمسكن بشكل مباشر فإذا تعذر ذلك لسفره أو لوجود طلاق مثلا فإن البديل هو إرسال مبلغ من المال يكفي هذه المتطلبات ويناسب حالة الزوج المادية، فإذا امتنع الزوج عن النفقة جاز للزوجة رفع دعوى حبس حتى يجبره القاضي على دفع النفقة على أن شرط مطالبة الزوجة النفقة هو ألا يكون الزوج قائما بالإنفاق عليها بشكل كاف  بتوفير الاحتياجات بشكل مباشر أو بإعطائها مبلغ النفقة المتفق عليه أو المحكوم به.

وشدد: يحرم على الزوجة أو المطلقة المطالبة بنفقة لها أو لصغارها إذا كانت قد تقاضت ما يكفيها بالفعل، محذرًا من الدعاء على الأبناء قائلًا: «لابد أن يحذر الإنسان من الدعاء على أبنائه لإنه سيندم ويتأذى إذا حدث لهم مكروه والأفضل أن يترك أمرهم لله تعالى ربما يهديهم ويرجعون عن خطئهم».

حكم نفقة الصغار حال سجنهم لأبيهم

من جانبه، قال الشيخ أحمد السيد شقرة الواعظ بالأزهر الشريف في رسالته لـ إبراهيم سعيد: «إلى من خرج لتوه من محبس النفقة، متألمًا، متسائلًا، حائرًا بين الدعاء لأولاده والدعاء عليهم، أقول: إن الشرع الشريف قد أوجب على الآباء نفقة أولادهم وجعلها حقًّا للصغير لا يُسقطه الكِبَر، ولا يُنازع فيه العرف، ولا يُغني عنه العطف المؤقت، بل هو فرض واجب، لا تبرّع فيه، ولا منّة، ولا إحسان».

واستدل «شقرة» في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»: «قال سادتنا العلماء: النفقة على الأولاد فريضة شرعية، واجبة باتفاق العلماء، وهي آكد من صدقة التطوع، بل مقدمة على كل نفقة سوى نفقة الزوجة. فإن أنفقت عليهم؛ فقد أديتَ فرضًا، وإن قصرت؛ فإن القضاء قدّر وحكم، ولا يُظلم ربك أحدًا».

حكم شهادة الأبناء ضد أبيهم في ساحة القضاء

وتابع: أما شهادتهم ضدك في مجلس القضاء: فإن ثبت عندهم أنك قصرت، وأقيمت البينة على ذلك؛ فلا تثريب عليهم؛ فالشهادة أمانة، وهم بين يدي القاضي ليسوا خصومًا، وإنما هم مطالبون بحقهم، ومن حُبس بحق، فلا يلومن إلا نفسه، قال تعالى: {فإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}، فإن كنت معسرًا وأثبت ذلك، فلا حرج، وإن كنت موسرًا وامتنعت، فأنت من الذين توعدهم الشرع.

وردًا على حديث إبراهيم سعيد: "مينفعش حد يبعت فلوس لأولاده ويقول لهم: امضوا على الأكل واللبس اللي جبته، قال: «هذا حقك، وليس كل الناس يخونون، وإن أردت التوثيق، فافعل برفق، دون منٍّ ولا إيذاء، فإن النفقة لا تفسدها الكرامة.

ادعي على عيالي ولا ادعيلهم.. رسالة من أزهري لـ إبراهيم سعيد

وأكمل في نصيحته لـ إبراهيم سعيد بشأن الدعاء على صغاره أم الدعاء لهم قائلًا: «ثم يا أخي، أراك تتردد: "أدعي لهم ولا أدعي عليهم؟" وواللهِ لا يجتمع في قلب العاقل حبٌّ لصغيره ودعاء عليه. إن الذي يدعو على أولاده، إنما يدعو على نفسه، وعلى لحمه ودمه، وعلى فلذة كبده. فإن أساءوا، فربّهم وربّك يعلم، وإن ظلموك، فالله عدلٌ لا ينام. لكن الذي تفعله النفوس الكبيرة، هو أن تدعو لهم بالهداية، وأن تدعو لنفسك بالثبات، وأن تُقبل على مستقبلك بالتوبة والعمل».

وأوضح: اعلم أن الإحسان إلى من أساء إليك مرتبة نبوية، قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فما ظنك بأبنائك؟! أليست الرحم أولى بالرحمة؟!، مضيفًا: «سجنت؟ نعم. تألمت؟ نصدقك. لكن اسأل نفسك: هل أدّيت ما عليك؟ فإن كنت قد أديت؛ فالله معك، وإن كنت قصّرت؛ فاعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين إن رجعت وتبت وأصلحت.

وشدد: «لا تدعُ عليهم، بل ادعُ لهم، ولا تكن سببًا في قطيعة رحمٍ ولا فتنة بين الدم والدم، واجعل همّك أن ترضي الله، لا أن تنتقم من عباده. قال أحد العارفين: "إذا أحببت أولادك، فادعُ لهم، وإن أساءوا إليك، فاستغفر الله لهم، فليس بعد البُغض إلا السقوط، وليس بعد الصفح إلا الرفعة».

تم نسخ الرابط