عاجل

هل يجوز الاكتفاء بالاغتسال "الاستحمام" عن الوضوء؟.. الإفتاء توضح

الغسل
الغسل

كشفت دار الإفتاء المصرية على أنه يجوز الاكتفاء بالغسل دون الوضوء إذا كان الغُسل بنية رفع الحدث الأكبر، كغُسل الجنابة أو الحيض أو النفاس؛ لأن رفع الحدث الأكبر يتضمَّن في ذاته رفع الحدث الأصغر أيضًا، بشرط تعميم الجسد بالماء.

أما إذا كان الغُسل لغرض غير متعلق بالطهارة الواجبة، كغُسل يوم الجمعة، أو للتنظف، أو التبريد، فلا يُجزئ عن الوضوء إلا إذا نوى أثناءه رفع الحدث الأصغر، فتقوم النية مقام الوضوء حينئذٍ

اشتراط الطهارة لبعض العبادات

من المسلَّم به شرعًا أنَّ من شروط صحة بعض العبادات، كالصلاة، والطواف، ومسّ المصحف الشريف، أن يكون الإنسان على طهارة من الحدثين: الأصغر والأكبر.

ففي شأن الصلاة، فقد وردت نصوص كثيرة تؤكد على وجوب الطهارة لصحتها، منها قول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6].
كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» [رواه البخاري].

أما الطواف بالكعبة، فقد ورد فيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«الطَّوَافُ حَوْلَ البَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ» [رواه الترمذي].
فهذا الحديث يدل على أن الطواف يشترط له ما يُشترط للصلاة من الطهارة وغيرها.

أما مسّ المصحف، فقد استُدل على اشتراط الطهارة له بقوله تعالى:
﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۞ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۞ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77–79].
وهذه الآية تشير إلى أن من أراد لمس المصحف الشريف، فعليه أن يكون طاهرًا من الحدثين.

كيفية الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر

اتفق العلماء على أن الطهارة، في حال وجود الماء، تكون على النحو التالي:

أولًا: الطهارة من الحدث الأصغر

وتكون عن طريق الوضوء، وهو غسل أعضاء معينة من الجسم بالماء، كما بيّنه الله تعالى في قوله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].

وقد رُوي عن الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ بهذا الترتيب:
• غسل كفّيه ثلاث مرات،
• ثم تمضمض واستنثر،
• ثم غسل وجهه ثلاثًا،
• ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك،
• ثم مسح رأسه،
• ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى.

ثم قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ مثل وضوئي هذا”، وأضاف صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رواه مسلم].

ثانيًا: الطهارة من الحدث الأكبر

وتكون عن طريق الغُسل، أي تعميم الجسد كله بالماء.
وقد ورد في القرآن قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: 43].

كما روت أم سلمة رضي الله عنها أن أم سُليم سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حكم الغسل للمرأة إذا احتلمت، فقال لها:
«نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ» [رواه البخاري]، أي إذا خرج منها المني، وجب عليها الغُسل.

هل يغني الغسل عن الوضوء؟

اختلف الحكم في هذه المسألة باختلاف النية:
• إذا كان الغسل بنية رفع الحدث الأكبر (كالجنابة أو الحيض)، وكان شاملاً لأعضاء الوضوء، فإن ذلك يغني عن الوضوء، لأن الحدث الأكبر يشمل الأصغر، بشرط أن ينوي بذلك رفع الحدث.
• أما إذا كان الغسل لغرض آخر، مثل غسل الجمعة أو التنظف فقط، ولم تكن هناك نية لرفع الحدث الأصغر، فلا يكفي ذلك، ويجب الوضوء بعده.
لكن إن نوى أثناء الغسل رفع الحدث الأصغر أيضًا، صحّ وارتفعت الجنابة والحدث الأصغر معًا

تم نسخ الرابط