عاجل

طارق الشناوي: «شادية» اعتزلت ولم تطلب حذف أعمالها.. و«فوزي» لم يكن مذنبًا

المطرب الراحل أحمد
المطرب الراحل أحمد عامر

أثار إعلان وصية المطرب الراحل أحمد عامر، والتي طلب فيها حذف جميع أغانيه بعد وفاته، حالة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع الناقد الفني طارق الشناوي إلى التدخل لتقديم قراءة فنية وثقافية للواقعة، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "الستات" المذاع على قناة النهار.

وصية يصعب التحقق منها

أكد طارق الشناوي أن هذه الظاهرة، المتمثلة في طلب بعض الفنانين إلغاء تراثهم الفني بعد الوفاة، ليست حكرًا على الفن الشعبي فقط، بل ظهرت في مستويات ثقافية وفنية متعددة، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب نقاشًا عميقًا حول العلاقة بين الفن والدين، والاختلاف الثقافي في النظرة إلى الإبداع.

أوضح طارق الشناوي أن الحديث عن وصية أحمد عامر لا يمكن نسبتها بشكل قاطع، لأنها لم تُكتب رسميًا، بل تداولها بعض أصدقائه، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج إلى تدقيق قبل التعامل معه باعتباره حقيقة ثابتة. وأضاف: "ما نراه هو تكرار لنموذج فكري أصبح شائعًا، وهو ربط الفن بالخطيئة، خاصة في الأوساط الشعبية، رغم أن الفن في جوهره رسالة إنسانية".

ليس أحمد عامر وحده

واستشهد طارق الشناوي بعدد من النماذج السابقة، قائلًا إن الفنانة شادية اعتزلت وارتدت الحجاب، لكنها لم تطلب أبدًا حذف أغانيها أو أفلامها، رغم أن بعض أعمالها كانت تتضمن جرأة في الطرح. وأكد أن ما فعله أحمد عامر يعكس صراعًا داخليًا شبيهًا بما عاشه مثقفون آخرون، مثل الدكتور مصطفى محمود، الذي تأثر بتجربة دينية وروحية، لكنه لم يتنكر لتاريخه.

وشدد طارق الشناوي على أنه لا يوجد تناقض جوهري بين الفن والدين، مستشهدًا بالشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفى إسماعيل، وهما من أعظم قراء القرآن الكريم، وكانا يفهمان المقامات الموسيقية ويُقدّران الفن. كما أشار إلى أن بعض الفنانين الكبار، مثل محمد فوزي، قدموا أعمالًا دينية إلى جانب الأغاني العاطفية، ولم يمنعهم ذلك من أن يكونوا مؤمنين وصادقين في حياتهم.

هل حذف الأعمال هو الحل؟

انتقد طارق الشناوي بشدة من يطالبون بحذف أعمالهم بعد الوفاة، قائلاً: "إذا كنت ترى أن ما تقدمه لا يليق، فلا تقدمه من الأساس. لا يعقل أن تُنتج أعمالًا فنية ثم تطلب شطبها لاحقًا بعد أن أثرت في الجمهور". وأضاف: "هذه الدعوات تفتقر إلى المنطق، وكأن الشخص يريد أن يغسل تاريخه، بدلًا من أن يقف أمامه ويفسره".

ورأى طارق الشناوي أن المجتمع يعاني من ثقافة الازدواجية والحكم السريع، حيث يُنظر إلى الفن كأنه شيء "حرام" أو "دنس" ما لم يتوافق مع التوجهات المحافظة، قائًلا: "البعض لا يرضى عنك إلا إذا وافقته بالكامل، وإن خالفته في تفصيلة، يُصدر عليك حكمًا أخلاقيًا أو دينيًا".

وأكد طارق الشناوي أن هذا النوع من التفكير يُدمّر أي مجتمع متعدد، لأنه لا يسمح بتنوع الآراء أو التعبير الفردي، بل يسعى لفرض نموذج واحد من التدين أو الثقافة، وهو ما وصفه بـ"ثقافة التكفير الرمزي".

الناقد الفني طارق الشناوي 
الناقد الفني طارق الشناوي 

تجريم غير المألوف

اختتم طارق الشناوي مداخلته بدعوة إلى فتح نقاش مجتمعي واسع حول العلاقة بين الفن والدين والثقافة، وتجاوز مرحلة التوجس والخوف من التعبير الفني. وقال: "الفن ليس ترفًا، بل هو تعبير عن الهوية، وكلما سمحنا بقتله باسم الفضيلة، سنفقد قدرتنا على فهم أنفسنا".

وشدد طارق الشناوي على أن وصية أحمد عامر، سواء كانت حقيقية أو لا، ليست قضية شخصية فحسب، بل مرآة لمجتمع كامل يحتاج إلى إعادة نظر في مفاهيمه عن الفن والحرية والضمير.

تم نسخ الرابط