إحالة قضية التلاعب بوثائق التأمين الدولاري الى دائرة الاستثمار

قضت الدائرة الخامسة للتراخيص بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بإحالة الدعوى القضائية المقامة ضد شركتين تعملان في مجال تأمينات الحياة إلى الدائرة الثامنة المختصة بالاستثمار والبنوك. وجاء هذا القرار في ضوء الاتهامات الموجهة للشركتين بشأن التحايل على العملاء والتنصل من الالتزامات التعاقدية، مستغلين التقلبات في سعر صرف العملات كذريعة لتبرير ممارساتهم.
وكانت الدعوى قد طالبت بوقف ما وصفته بالانتهاكات التي تمس حقوق المؤمن عليهم، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها الأسواق وتأثيرها على العقود التأمينية. وأكدت المحكمة أهمية نظر هذه القضية من قبل الدائرة المتخصصة بالنظر في قضايا الاستثمار والبنوك لما تتسم به من تعقيدات فنية وقانونية تستدعي اختصاصاً خاصاً.
تفاصيل القضية
القضية تعود إلى شكوى تقدم بها طبيب، يمثله قانونيًا الدكتور هاني سامح المحامي، ضد شركة "تشب" لتأمينات الحياة، بعد أن التزمت الشركة بتحصيل أقساط سنوية منه بلغت 15,000 جنيه مصري منذ عام 2007، بموجب وثيقة تأمين تَعِده بتعويض قيمته 60 ألف دولار عند الوفاة.
إلا أن المفاجأة – وفق ما ورد في أوراق الدعوى – جاءت عندما تنكرت الشركة لتلك الالتزامات، مدعية أن التغيرات الاقتصادية وانخفاض قيمة الجنيه المصري جعلت الأقساط المدفوعة غير كافية، وطالبت المؤمن عليه بمبالغ إضافية، مهددة بإلغاء الوثيقة ما لم يتم الدفع خلال 30 يومًا.
وثائق الدعوى
الدعوى لم تتوقف عند حدود المطالبة بالوفاء بالعقد، بل تضمنت طيفًا واسعًا من المطالبات الصارمة، أبرزها إلغاء تراخيص الشركتين، ووقف القرار السلبي بالامتناع عن شطب تسجيل شركة "تشب"، واسترداد كامل الأقساط المدفوعة منذ عام 2007 بالقيمة الدولارية وقت التعاقد، مع إلغاء الموافقة الرسمية على استحواذ "تشب" على شركة "آيس"، وإلغاء لوائح عقودهما التأمينية بسبب ما وُصف بانتهاكات جسيمة لحقوق العملاء.
كما طالبت الدعوى بتصفية الوثائق التأمينية واسترداد المستحقات المالية كاملة، استنادًا إلى نصوص قانون الإشراف والرقابة على التأمين، الذي يجيز شطب تسجيل الشركة حال مخالفتها المتكررة لأحكام القانون، أو إذا ثبت عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء.
من جانبها، ألزمت المحكمة هيئة الرقابة المالية بتقديم تقرير مفصل حول الإجراءات التي اتخذتها لحماية حملة الوثائق، في ظل اتهامات للشركتين باستغلال الأزمة الاقتصادية والتحايل على العملاء، وهو ما يضع الهيئة أمام اختبار جدي يتعلق بمدى فاعلية دورها الرقابي في سوق التأمين المصري.
وفي وثائق الدعوى، أرفق المدعي خطابًا رسميًا أرسلته شركة "تشب" إلى عملائها، كشفت فيه عن ما وصفته بـ"تعديلات جوهرية" في وثائق التأمين "إنفيستا" و"إنفيستا جولد"، نتيجة انخفاض قيمة الجنيه المصري وقرارات البنك المركزي.
وحذرت الشركة من أن القيمة النقدية للوثائق لم تعد كافية لتغطية التكاليف التأمينية الشهرية، مقترحة على العملاء ثلاثة بدائل: إما رفع قيمة الأقساط، أو تقليص التغطية، أو تحويل الوثيقة للجنيه المصري بقسط جديد.
خيارات اعتبرها المدعي تلاعبًا مقنّعًا ونقضًا صارخًا للالتزامات التعاقدية الأصلية التي يفترض ألا تتأثر بتقلبات العملة، لا سيما مع توقيع الوثيقة على أساس "مبلغ مضمون بالدولار".
ووفق الحسابات المرفقة بالدعوى، سدد الطبيب ما مجموعه 270 ألف جنيه مصري على مدار 18 عامًا، وهي تعادل بحسب سعر الدولار الرسمي في كل سنة من سنوات الدفع، ما يقرب من ٣٣ الف دولار امريكي. وهو ما يجعل تهرب الشركة من التزامها بدفع 60 ألف دولار حال الوفاة موضع تساؤل واسع، سواء قانونيًا أو أخلاقيًا.