أجران في يوم واحد.. فتوى رسمية تُجيز الجمع بين صوم التمتع وعاشوراء

تساؤلات كثيرة ترد إلى العلماء ودار الإفتاء المصرية مع اقتراب يوم عاشوراء، لا سيما من الحجاج والمعتمرين الذين لم يتمكنوا من صيام التمتع في موعده ويرغبون في معرفة الحكم الشرعي للجمع بين نيتين نية قضاء صوم التمتع ونية صوم يوم عاشوراء.
وفي هذا السياق، أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي حول جواز الجمع بين نية صيام التمتع وصيام عاشوراء في يوم واحد، وقدمت توضيحًا شرعيًا مفصلًا مدعومًا بأقوال الفقهاء والمذاهب المعتمدة.
فتوى دار الإفتاء: جائز بشرط.. وتحصل الأجرين
أكدت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا الجمع بين نية صوم التمتع وصوم عاشوراء في حال تأخير صيام التمتع حتى دخول شهر المحرم، موضحةً أن المسلم في هذه الحالة يحصل على أجرين بإذن الله، مشيرةً إلى أن الجمع بين العبادتين في نية واحدة لا حرج فيه إذا توافق وقتها.
لكن الدار نبهت إلى أن الأفضل والأكثر ثوابًا – بحسب رأي جمهور العلماء – هو أن يتم صيام كل عبادة على حدة، أي يُفضل صوم يوم لقضاء التمتع، ويوم آخر لصوم عاشوراء، لمن استطاع ذلك.
المذاهب الفقهية تؤيد الجمع.. مع اختلاف في الأفضلية
وأشارت الفتوى إلى أن الحكم مبني على ما قرره الفقهاء في مسألة "التشريك في النية" بين العبادة الواجبة والعبادة النافلة، وهو موضوع خلاف بين العلماء، إلا أن الرأي المختار للفتوى في دار الإفتاء المصرية يُجيز هذا الجمع.
وذكرت الدار أن هذا الرأي هو مذهب المالكية والمعتمد لدى الشافعية، حيث ذهبوا إلى أن النية الواحدة إذا شملت صيامًا واجبًا وآخر مندوبًا، فإن الثواب يُحتسب للعبادتين معًا، خاصة إن كان هناك عذر شرعي أو ارتباط زمني بينهما.
أقوال العلماء: أدلة فقهية تدعم صحة الجمع بين النيتين
وساقت دار الإفتاء عددًا من أقوال العلماء لدعم فتواها، ومنها ما جاء عن العلاّمة الدردير المالكي في كتابه الشرح الصغير، حيث قال: "ولو نوى الجَنابةَ ونفلًا أو نِيابةً عن النفل، حصلَا".
وفسرت ذلك بأنه إذا اغتسل المسلم بنية رفع الجنابة وغُسل الجمعة أو العيد، فإن كِلتا النيتين تنعقدان ويحصُل بهما الأجران، مما يعني جواز التشريك بين نيتين مختلفتين في العبادات ما دامت النية حاضرة.
كما استندت الدار إلى ما ذكره العلاّمة الصاوي المالكي في حاشيته، بقوله: "حَصَلَا معًا، أي حصلَ المقصود من الواجب والنفل"، لافتة إلى أن هذا يشير إلى جواز صوم يوم عاشوراء بنيّة الفضيلة، إلى جانب صوم التمتع أداءً لما فاته من واجب الحج.
الفتوى تؤكد: لا تعارض في النية إن توافق الزمان
خلصت دار الإفتاء المصرية إلى أن المسلم الذي أخر صيام التمتع من الحج حتى شهر المحرم، ووافق يوم صيامه يوم عاشوراء، يمكنه أن يجمع النيتين بنية واحدة، ويحصل على الأجر الكامل بإذن الله، خاصة إن لم يكن هناك وقت أو قدرة لصيام يومين منفصلين.
لكنها شددت على أن النية الصادقة والتوجه إلى الله بعبادة القلب قبل الجسد هي الأساس في كل عمل، وأن النية وحدها كفيلة بتمييز العبادة وتحقيق المقصود منها.
متى يكون الجمع بين النيات غير جائز؟
رغم جواز الجمع في هذه الحالة، نبهت دار الإفتاء إلى أن بعض أنواع الجمع بين العبادات لا يُجزئ ولا يجوز شرعًا، مثل الجمع بين صوم القضاء وصيام الست من شوال بنية واحدة – وهي مسألة خلافية أيضًا، لكنها تُوضح أهمية التمييز بين حالات الجمع المقبولة شرعًا وغير المقبولة.