مصطفى الفقي يحذّر من تهجير مؤجل للفلسطينيين: هدنة مرتقبة ومعاناة مستمرة في غزة

حذّر المفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقي من أن سيناريو تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لا يزال قائمًا، رغم الحديث عن مبادرات تهدئة، مؤكدًا أن هذا المخطط "قد يتم تأجيله"، لكنه لن يُلغى أو يُغلق ملفه بشكل نهائي، حتى في حال التوصل إلى اتفاق سياسي بين إسرائيل وحركة حماس.
وأضاف الفقي، خلال استضافته في برنامج "يحدث في مصر" مع الإعلامي شريف عامر، على قناة "MBC مصر"، أن إسرائيل لا تؤمَن على مواقفها، إذ لا تستند في تعاملاتها إلى قواعد ثابتة، محذرًا من الوثوق الكامل بأي اتفاقات أو تعهدات تصدر عن تل أبيب.
هدنة قريبة.. وتبادل للرهائن
توقع الدكتور مصطفى الفقي انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة خلال الأسبوع الجاري، مشيرًا إلى اقتراب التوصل إلى هدنة مؤقتة بين إسرائيل وحماس، تستمر لعدة أيام.
وقال إن هذه الهدنة ستشهد على الأرجح إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين من الجانبين، مؤكدًا أنها لا تعني بالضرورة نهاية الحرب، بل مجرد استراحة مؤقتة قد تعقبها موجات جديدة من التصعيد.

مشروع متطرف بلا سقف
وحول بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، وصفه الفقي بأنه "شخصية قوية وعميقة لكنها مزعجة"، معتبرًا أنه لا يزال يؤمن بصفقة القرن رغم انهيارها سياسيًا.
وأضاف أن نتنياهو لا يسعى لتسوية سياسية مع حماس، بل يعمل على تفكيكها عسكريًا، مؤكدًا أن أطماعه التوسعية بلا حدود، ما يُصعّب من أي محاولة لبناء سلام حقيقي ودائم.

لحظة العمل الإنساني والسياسي
دعا الدكتور الفقي الدولة المصرية إلى التركيز على دور الوسيط الإقليمي، بما يحقق هدفين متوازيين: رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، ووقف نزيف الدم والمجاعة في غزة.
وقال إن القاهرة تملك من الخبرة والشرعية السياسية ما يجعلها الجهة الأكثر قدرة على تخفيف الأزمة وفتح نوافذ إنسانية وسط الحصار والنار.
رفع العقوبات عن سوريا
انتقل الفقي للحديث عن الملف السوري، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا سيكون "أكبر هدية يمكن أن يقدمها الرئيس أحمد الشرع لشعبه".
وأوضح أن سوريا لم تكن تعاني من ديون تُذكر حتى بداية القرن الحالي، لكن الظروف السياسية والاقتصادية أدت إلى تدهور مروع في الوضع الإنساني والمعيشي، محذرًا من استمرار العقوبات كعامل يُكرّس المأساة.

من المقاومة إلى السياسة؟
وعن مستقبل حركة حماس، رأى الفقي أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تقبلان بوجودها كفصيل سياسي فقط، حال التخلي عن جناحها المسلح.
وأكد أن الحل الجذري للقضية الفلسطينية لم يُطرح بعد، رغم تعدد المؤتمرات والمبادرات، مضيفًا أن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل مع القضية بأسلوب "إدارة الأزمات لا حل النزاعات".
حادث فتيات المنوفية
في الشأن الداخلي، عبّر الدكتور مصطفى الفقي عن حزنه الشديد إزاء حادث فتيات كفر السنابسة بالمنوفية، مطالبًا الحكومة بـالتفاعل الفوري مع مشاعر الغضب الشعبي، لأنها تمثل السلطة التنفيذية ويجب أن تكون قريبة من وجدان المواطنين.
وشدد على أن الفقراء المتألمين هم الأولى بالرعاية، وإذا ثبت وجود تقصير أو إهمال، فلا بد من محاسبة المسؤولين ودفع الثمن سياسيًا، كما حدث سابقًا مع وزير النقل الأسبق هشام عرفات عقب حادث حريق محطة مصر.

الطرق اتسعت.. فازدادت الكوارث
وتحدث الفقي عن ظاهرة تفاقم حوادث المرور في مصر، مؤكدًا أن توسعة الطرق مؤخرًا ساهمت في رفع سرعات المركبات بشكل كبير، ما ضاعف من حجم الحوادث والمآسي.
وأشار إلى أن سائق التريلا في حادث فتيات المنوفية كان يقود عكس الاتجاه وتحت تأثير المخدرات، مطالبًا بـمحاسبته بقسوة، كما دعا لإعادة النظر في منظومة الرقابة والسلامة على الطرق بأكملها.
استقالة وزير النقل.. هل هي الحل؟
ورفض الفقي المطالبة الفورية باستقالة وزير النقل الحالي، معتبرًا أن هذه الخطوة "قفزة كبيرة"، ويجب أن تُقيّم ضمن أداء الوزير العام وتعامله مع الملف المروري، وليس كرد فعل انفعالي لحادث واحد، رغم بشاعته.

غزة تعيش خارج الزمن
من جانبه، قال الإعلامي شريف عامر إن المشهد في قطاع غزة مأساوي إلى أقصى حد، لافتًا إلى أن أكثر من 100 شهيد سقطوا منذ الفجر وحتى وقت بث البرنامج.
وأضاف عامر: "أي أزمة نتحدث عنها في غزة لا تنتمي إلى الزمن الذي نعيشه.. الناس يموتون من أجل لقمة العيش، وحياتهم في حد ذاتها أصبحت مقاومة ضد الاحتلال".
وأشار إلى تصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال فيه إنه سيضغط على نتنياهو لوقف الحرب، معلقًا: "ربما لا يكفي الضغط، لكن العالم كله مدعو لإنقاذ حياة آلاف الأبرياء".

خلاصة المشهد
يرى الدكتور مصطفى الفقي أن الأزمة الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تُطرح حلول مؤقتة دون التطرق إلى جذر الأزمة.
وفي ظل تعنت الاحتلال، وغموض المواقف الدولية، وتزايد المعاناة الإنسانية، تظل الوساطة المصرية الأمل الأبرز لكبح الحرب، وفتح الباب أمام تسوية، ولو مؤقتة، لواحدة من أعقد قضايا الشرق الأوسط.