عاجل

سافر بيهم السودان.. سيدة إسكندرانية تكشف كواليس أخذ زوجها لأولادها والسفر بهم

هند ضحية زواج القاصرات
هند ضحية زواج القاصرات

لا يزال زواج القاصرات تدفع ثمنه البنات الصغيرات اللاتي أكرهن علي هذا الزواج إما طمعا في المال من أهلها أو عادات وتقاليد خاطئة في المجتمع المصري.

وقصتنا اليوم، تبدأ من  المندرة شرق الإسكندرية، حيث كانت ترفرف فرحة "هند عبد العزيز"، الطالبة المتفوقة بمدرسة عبد الخالق حسونة الإعدادية بحي المنتزه شرق الإسكندرية، إذ أدرج اسمها ضمن قائمة الأوائل، فسارعت لتشارك البحر نشوة النجاح وتحلم بمستقبل في كلية الطب.. لكن الحلم لم يكتمل.

توجهت "هند" إلى منزلها حاملة البشرى، إلا أن والدها كان يحمل لها مصيرًا مغايرًا: "جهزي نفسك للزواج.. جايلك عريس"، قالها ببرود لتصطدم الفتاة الصغرى، التي لم تكمل عامها السادس عشر، بواقع الزواج القسري، لم تكن الصدمة في الفكرة فقط، بل في التفاصيل؛ فالعريس سوداني الجنسية، يكبرها بـ 12 عامًا، وعقد الزواج سيتم دون حضورها، بل بتوكيل رسمي في السودان، تمهيدًا لنقلها للعيش في السعودية.

هند عبد العزيز
هند عبد العزيز
عائلة هند عبد العزيز
عائلة هند عبد العزيز

ورغم تجريم القانون المصري لتزويج القاصرات – وفقًا للمادة الثانية من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 – فإن والد "هند" مضى في مخططه، متجاهلًا أحلام ابنته، وقام بإبرام عقد الزواج في الخارج.

رحلة إلى الجحيم

في أغسطس 2011، غادرت "هند" مطار برج العرب بصحبة زوجها محمد عبد الله، الذي كان يدرس الفقه الإسلامي، إلى المدينة المنورة.

 ومع الأيام الأولى، تبددت أوهام الطمأنينة، وتحوّل الزوج من طالب علم إلى متطرف ديني، صادر حريتها، أخفى جواز سفرها، وعاملها كـ"جارية"، تمارس في حقها شتى أنواع العنف والتعذيب والاحتجاز القسري، ومنعها من الاتصال بأهلها أو الجيران.

رغم العنف، تمسكت "هند" بالحياة من أجل أطفالها، قائلة: "صبرت من أجلهم، وأهلي تخلوا عني، وكنت أعلم أن لا أحد سيتكفل بي أو بهم".

أنجبت "هند" خمسة أبناء: عمر (2013)، عبد الله (2015)، هدى (7 سنوات)، أحمد (5 سنوات)، وأويس (سنتان ونصف)، وتحملت مسؤوليتهم وحدها بعد أن امتنع الأب عن الإنفاق، لتبدأ رحلة جديدة من الكفاح والعمل.

من الضحية إلى الناجية

رغم قسوة الواقع، قررت "هند" أن تتمرد على واقعها، فالتحقت بالتعليم الثانوي ثم الجامعي، وحصلت على شهادة في أصول الفقه من كلية المسجد النبوي. هذا الإنجاز لم يشفع لها أمام عنف الزوج، الذي استمر في الإيذاء الجسدي والنفسي، إلى أن أصيبت بجلطة في المخ.

وبعد 11 عامًا من المعاناة، حصلت على حكم بالطلاق في أولى جلسات الدعوى، لتبدأ مرحلة جديدة، أملاً في راحةٍ طال انتظارها.

لكن الطليق لم يتوقف، فرفض الإنفاق، وحاول تهريب الأطفال إلى السودان، حيث يعيش في "أم درمان"، إحدى أكثر المناطق اضطرابًا في ظل الحرب القائمة بين الحكومة والمليشيات المسلحة، وهي منطقة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

عودة حزينة ونداء أخير

عادت "هند" إلى الإسكندرية، حاملة جراح الغربة والزواج القسري، تجلس على شاطئ المندرة، حيث بدأت حكاية تفوقها، لتروي اليوم قصة من القهر والخذلان. فبين قسوة والد أجبرها على الزواج في سن مبكرة، وزوج حوّل حياتها إلى جحيم، خسرت أحلى سنوات عمرها، وانتهت محرومة من أبنائها الذين لا تعرف مصيرهم.

اليوم، تبحث "هند" عن أبنائها في صمت، تناشد كل من يستطيع مساعدتها: "أريد فقط أن يعودوا لحضني، أريد أن أكون أمًا حقيقية، لا صورة في ذاكرة مشوهة".

فهل تجد "هند" من يعيد إليها بسمتها التي سُرقت ذات يوم على رصيف حلمها ويعاد إليها أبنائها الخمسة .

تم نسخ الرابط