عاجل

حكم اعتزال الناس في ميزان الشريعة الإسلامية.. متى يكون مشروعًا ومتى يُنهى عنه؟

اعتزال الناس
اعتزال الناس

في زمن يشتد فيه الصخب وتكثر فيه الفتن والاختلاط والضغوطات ، قد يُفكر بعض الناس في اعتزال الآخرين وترك مخالطتهم، إما طلبًا للراحة، أو خوفًا من الوقوع في المعاصي، أو رغبة في الانشغال بالعبادة والعزلة مع النفس. وبين من يراها سلوكًا مشروعًا، ومن يعتبرها انسحابًا من مسؤولية الإنسان في مجتمعه، يتساءل كثيرون: ما هو حكم اعتزال الناس في الإسلام؟ ومتى يُستحب، ومتى يُعد مذمومًا؟

الأصل في الإسلام: المخالطة النافعة

يؤكد علماء الشريعة أن الأصل في الإسلام هو مخالطة الناس، والصبر على أذاهم، والتأثير فيهم بالخير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم” [رواه ابن ماجه ].

ويُستدل من هذا الحديث الشريف على أن الاندماج في المجتمع وأداء الحقوق الاجتماعية والدعوية، من صميم السلوك الإسلامي السوي، ما دام الإنسان قادرًا على حفظ دينه ونفسه وأخلاقه.

متى يكون الاعتزال جائزًا أو مستحبًا؟

رغم أن الأصل هو المخالطة، إلا أن اعتزال الناس قد يكون مشروعًا أو حتى مستحبًا في بعض الحالات، بحسب ما بيّنه العلماء استنادًا إلى النصوص الشرعية، منها:
1. عند ظهور الفتن الشديدة التي يُخشى فيها على الدين، أو تداخل الحق بالباطل، بحيث لا يستطيع المرء التمييز أو النجاة بنفسه، فقد جاء في الحديث الشريف:
“يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن” [رواه البخاري].
2. عند ضعف الإنسان عن إنكار المنكر، أو إصلاح ما حوله، وخشية الوقوع في الحرام بسبب ضعف النفس أو البيئة، فيُستحب له حينئذ الاعتزال المؤقت لحفظ دينه حتى يتمكن من العودة أقوى.
3. لأغراض التعبد والخلوة للذكر والتأمل، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء قبل البعثة، وكما شرعت الاعتكاف في رمضان، وهي عزلة مؤقتة بنية القرب من الله، لا القطيعة عن الناس.

متى يُنهى عن الاعتزال؟

ومع ذلك، يُنهى اعتزال الناس عن في بعض الحالات، ويكون مذمومًا، منها:
• إذا كان بدافع الكبر أو الترفع عن الناس، فهذا يُخالف خلق التواضع الذي أمر به الإسلام.
• إذا أدى إلى قطيعة رحم أو ترك واجبات اجتماعية، كبر الوالدين، أو تربية الأبناء، أو القيام بعمل نافع للأمة.
• إذا كان يؤدي إلى الانغلاق والجهل، ويمنع من طلب العلم أو أداء فروض الكفاية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الاعتزال ليس انسحابًا بل تدبيرًا شرعيًا

يقول أحد العلماء

“الاعتزال ليس موقفًا سلبيًا بالضرورة، بل قد يكون وسيلة لحفظ الدين، بشرط ألا يُهمل المسلم مسؤولياته تجاه أهله ومجتمعه، وأن تكون العزلة بقصد مشروع ولفترة محددة

تم نسخ الرابط