هل يجوز للمرأة أن تُصلي وهي تضع العطر؟.. الإفتاء توضح الحكم
تُعدّ مسألة استعمال المرأة للعطر أثناء الصلاة من القضايا الفقهية التي تتجدد إثارتها في الأوساط الدينية والاجتماعية، خاصة في ظل الاستخدام الواسع للعطور و”البرفان” في الحياة اليومية. ويتساءل كثير من النساء عمّا إذا كانت الصلاة تُقبل إذا أُديت بعد وضع العطر، أم أن هناك ما يبطلها أو يُنقص من أجرها.
أولاً: حكم الصلاة في ذاتها
من الناحية الفقهية، فإن الصلاة تُعد صحيحة إذا أدّتها المرأة بشروطها وأركانها المعتبرة شرعًا، كستر العورة والطهارة واستقبال القبلة والنية. ويجمع الفقهاء على أن وضع العطر أو “البرفان” لا يُعد من نواقض الصلاة في ذاته، وبالتالي فإن الصلاة صحيحة ولا تجب إعادتها، ما دامت قد أُقيمت مستوفية للشروط الأساسية.
لكن المسألة لا تتعلق فقط بصحة الصلاة، بل تمتد إلى حكم وضع المرأة للعطر أمام غير المحارم، وهو ما قد يجرّ على المرأة إثمًا خارج إطار الصلاة.
ثانياً: وضع العطر للمرأة.. التفصيل الفقهي
ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتعطر إذا كانت ستمرّ في طريق يراها فيه رجال أجانب؛ استنادًا إلى الحديث الشريف الذي رواه أبو موسى الأشعري عن النبي ﷺ أنه قال: “أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية”، وهو حديث حمله العلماء على التشديد في خروج المرأة متعطرة بما يثير الفتنة.
وقد رأى هؤلاء أن العطر في حد ذاته ليس حرامًا، وإنما يحرُم بحسب القصد والنتائج، فإذا وُضع بقصد التزيّن للمحارم أو في نطاق المنزل أو في صلاة لا يراها فيها أحد من الأجانب، فلا حرج فيه، بل يُعد من النظافة وحُسن الهيئة المحببة شرعًا.
أما إذا وُضع بقصد الخروج إلى الشارع أو الأماكن العامة بحيث يشتم الرجال ريحه، فذلك مما يُنهى عنه شرعًا، لما فيه من إثارة الفتنة والمخالفة للحياء الذي أمرت به الشريعة النساء.
ثالثاً: الخلاصة بين الفعل والعبادة
وبناء على ما سبق، فإن الصلاة التي تؤديها المرأة وهي متعطرة تعتبر صحيحة شرعًا، لكنها قد تأثم بوضع العطر إذا خرجت به أو ظهرت أمام رجال أجانب في مكان عام. وهذا يعني أن هناك فرقًا بين صحة الصلاة وحكم الفعل المصاحب لها.
ويُوصي العلماء النساء بأن يلتزمن بالاعتدال، وأن يفرقن بين ما يجوز في نطاق البيت وما يُنهى عنه في المجال العام، حفاظًا على الحياء والوقار، دون الوقوع في التشدد المذموم أو التحلل غير المقبول.
