الهدنة «هشة ومؤقتة».. خبير عسكري: البرنامج النووي الإيراني ما زال قائمًا

أكد العميد محمود محيي الدين، الخبير العسكري والباحث في شؤون الأمن الإقليمي، أن ما يُتداول حاليًا من تهدئة بين إيران وإسرائيل لا يرقى إلى كونه اتفاق سلام أو هدنة دائمة، بل هو إجراء مؤقت لاحتواء التصعيد، تم التوصل إليه بفعل ضغوط دبلوماسية وأمنية متبادلة.
وخلال مداخلة هاتفية لبرنامج "حديث القاهرة" مع الإعلامية كريمة عوض، عبر شاشة القاهرة والناس، أوضح محمود محيي الدين أن هذه الهدنة جاءت نتيجة لتبادل ضربات عسكرية مكثفة خلال الأيام الأخيرة، لكنها لم تُنهِ جذور الأزمة، خاصة مع استمرار الملف النووي الإيراني كعامل توتر رئيسي في المنطقة.
الضربات العسكرية
أشار محمود محيي الدين إلى أن التقييمات الاستخباراتية الإسرائيلية والأمريكية متفقة على أن الضربات العسكرية التي استهدفت بعض المواقع داخل إيران لم تؤثر جوهريًا على البرنامج النووي، بل على العكس، لا تزال طهران تحتفظ ببنية تحتية قوية ونشاطات نووية استراتيجية، يمكن تفعيلها في أي لحظة.
وأضاف الخبير العسكري أن إيران قادرة على استئناف التخصيب أو تطوير قدراتها التقنية بسرعة إذا ما اختارت ذلك، مؤكدًا أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة فشلت في إحداث شلل استراتيجي طويل المدى للقدرات النووية الإيرانية، وهو ما جعل إسرائيل تطلب دعمًا عسكريًا وسياسيًا من واشنطن.
طرد وكالة الطاقة الذرية
في تطور خطير، كشف محمود محيي الدين أن إيران قررت تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت دخول مديرها إلى أراضيها، في رسالة واضحة تعكس رفض طهران للدور الذي باتت تراه منحازًا للولايات المتحدة.
وأوضح أن إيران أصبحت تنظر إلى الوكالة باعتبارها أداة للعقاب السياسي وليست جهة رقابة محايدة، خاصة بعد أن قصفت القوات الأمريكية مواقع خاضعة للتفتيش الدولي. هذا التصعيد يهدد بانهيار منظومة المراقبة الدولية ويُعيد الملف النووي الإيراني إلى مربع الأزمة الأول.
إسرائيل تكسب عسكريًا
ورغم أن إسرائيل حققت بعض المكاسب العسكرية في الميدان، إلا أن محيي الدين يرى أنها لم تحقق نصرًا استراتيجيًا، وهو ما يُعد فشلًا في تحقيق الردع الكامل تجاه إيران. وأوضح أن إيران نجحت في امتصاص الصدمة الأولى، ثم ردّت دبلوماسيًا عبر تقويض عمل الوكالة الدولية وتعزيز خطابها السيادي.
كما أشار محمود محيي الدين إلى أن تل أبيب لم تكن تتوقع هذا القدر من الجاهزية الإيرانية، سواء على مستوى الدفاع أو الردع، وأن تدخل الولايات المتحدة جاء كمحاولة لإنقاذ إسرائيل من مأزق سياسي واستراتيجي متصاعد.

هدنة هشة قابلة للانفجار
اختتم محيي الدين تحليله بالتأكيد على أن الهدنة الحالية بين إيران وإسرائيل مؤقتة وهشة للغاية، وأنها مهددة بالانهيار في أي وقت، خصوصًا إذا وقعت استفزازات جديدة في الخليج أو داخل الأراضي الفلسطينية.
محذرا من أن جذور الصراع لا تزال قائمة، وأن غياب الحلول الجذرية للملف النووي والتوترات الإقليمية يجعل المنطقة قابلة للاشتعال في أي لحظة، مما يتطلب جهدًا دوليًا جادًا للحد من الانفجار المحتمل.