النفط بين التقلبات والأسواق.. تحركات عالمية وسط تحديات جيوسياسية واقتصادية

تواصل أسعار النفط العالمية تسجيل تذبذبات ملحوظة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية، وتزايد التوقعات بشأن مستويات الطلب العالمي، خاصة من الاقتصادات الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
التوترات الجيوسياسية
شهدت أسعار النفط انخفاضًا خلال الأسبوع الأخير من يونيو، متأثرة ببيانات تشير إلى تباطؤ النشاط الصناعي في الصين، وتزايد مخزونات الخام في الولايات المتحدة، ما أثار القلق بشأن تباطؤ الطلب العالمي.
وسجل خام برنت مستويات تقترب من 83 دولارًا للبرميل، في حين استقر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي قرب 78 دولارًا للبرميل.
ومن جانبه يريد د. جمال الدين خبير اقتصادي ، أن “الأسواق النفطية حاليًا تحت ضغط مزدوج: ضبابية السياسات النقدية في أمريكا، وتباطؤ اقتصادي في آسيا. لكن ما يجب متابعته هو موقف أوبك+ من التخفيضات، لأن عودة الإنتاج بشكل مفاجئ قد تسبب انهيارًا سعريًا، بينما استمرار التخفيضات قد يرفع الأسعار فوق 90 دولارًا للبرميل في الربع الأخير من 2025.”
تستمر منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها ضمن تحالف "أوبك+" في مراقبة السوق، حيث لا تزال تخفيضات الإنتاج الطوعية من بعض الأعضاء قائمة. ومن المتوقع أن تتم مراجعة السياسات خلال الاجتماعات المقبلة لتقييم تأثير هذه التخفيضات على استقرار السوق.
آفاق النصف الثاني من 2025
تُشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن السوق قد يشهد عجزًا محدودًا في المعروض في النصف الثاني من العام إذا ظل الطلب قويًا، خاصة مع حلول فصل الصيف وارتفاع استهلاك الوقود في العديد من الدول.
السوق المصري.. في مرمى التأثير يرتبط الاقتصاد المصري بأسعار النفط بشكل مباشر، سواء عبر فاتورة استيراد الخام والمنتجات البترولية، أو عبر تأثير الأسعار على دعم الطاقة ومعدلات التضخم.
وفي هذا السياق، قال مصدر حكومي مطّلع في تصريحات لـ"نيوز رووم":
“كل دولار زيادة في سعر البرميل يُكلّف الموازنة العامة قرابة 1.5 مليار جنيه سنويًا. لذلك تتابع وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة البترول تحركات السوق العالمية عن كثب.”
تأثيرات متباينة على الدول المنتجة والمستهلكة
الدول المصدرة: تترقب عائدات إضافية من استقرار الأسعار فوق 80 دولارًا للبرميل، ما يدعم موازناتها العامة.
الدول المستهلكة مثل مصر: تعاني من ضغوط تضخمية نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، مما قد يدفعها إلى إعادة النظر في آليات التسعير المحلي ودعم المحروقات.
يبقى سوق النفط مرآة للاقتصاد العالمي، يتأثر بالأحداث السياسية، والطقس، والقرارات الاستثمارية. في ظل هذه الديناميكية، يبدو أن التوازن الدقيق بين العرض والطلب سيظل العامل الحاسم في تحديد وجهة الأسعار في الأشهر المقبلة، مع ترقب خاص من جانب الاقتصادات الناشئة مثل مصر التي تبحث عن معادلة دقيقة بين الأسعار العالمية واحتياجات السوق المحلي.