قطر تحث إسرائيل وحماس على اغتنام هدنة "وقف إطلاق النار" في غزة

في تطوّر لافت في مشهد الشرق الأوسط المتقلب، أعلنت إسرائيل وإيران وقفًا مفاجئًا لإطلاق النار يوم الثلاثاء، بوساطة أمريكية–قطرية مشتركة، وذلك بعد ساعات فقط من هجوم صاروخي إيراني استهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر، دون أن يسفر عن إصابات.
هذا الهجوم، الذي اعتُبر تصعيدًا خطيرًا وغير مسبوق على الأراضي القطرية، جاء ردًا على غارات أمريكية استهدفت منشآت نووية داخل إيران خلال أيام من المواجهة بين طهران وتل أبيب. ورغم سخونة الحدث، تحوّل هذا التصعيد إلى فرصة دبلوماسية نادرة، تسعى الدوحة إلى استثمارها.
الزخم الإقليمي فرصة لا يجب أن تُهدَر
من جهته، صرّح المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في مقابلة مع فرانس برس، بأن قطر، بالتعاون مع وسطاء في القاهرة وواشنطن، تسعى الآن إلى استغلال زخم التهدئة بين إيران وإسرائيل لدفع مفاوضات هدنة جديدة في غزة.
وقال الأنصاري، الذي يشغل أيضًا منصب مستشار لرئيس الوزراء القطري: "إذا لم نستغل هذه الفرصة السانحة، فستكون مجرد فرصة ضائعة من بين فرص كثيرة أهدرناها في الماضي القريب. لا نريد أن نرى ذلك يتكرر".
ترامب متفائل.. وقطر تكثف الوساطة في غزة
وقد أبدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدوره تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد بين إسرائيل وحماس، مشيرًا إلى احتمال الإعلان عنه في غضون أسبوع.
وانخرط الوسطاء، وعلى رأسهم قطر، منذ أشهر في اتصالات غير مباشرة مع الطرفين، سعيًا لإنهاء حرب مستمرة منذ 20 شهرًا، أدّت إلى دمار واسع وسقوط آلاف الضحايا في قطاع غزة.
ورغم عدم وجود محادثات مباشرة حاليًا، أكد الأنصاري أن قطر "منخرطة بشدة" في التحدث مع كل طرف على حدة، وتبذل جهدًا دبلوماسيًا مكثفًا لتقريب وجهات النظر.
"الضغط المناسب" هو مفتاح الحل
وقد تطرق الأنصاري إلى تجربة هدنة يناير الماضي، التي رعتها واشنطن وقطر، وأسفرت عن إطلاق سراح عشرات الرهائن مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، مؤكدًا أن هذه التجربة تظهر ما يمكن تحقيقه تحت الضغط الأمريكي الفعّال.
وقال: "في ظل التوتر الإقليمي ونجاح واشنطن في فرض هدنة بين إيران وإسرائيل، ليس من المستبعد أن تؤدي الضغوط الأمريكية نفسها إلى هدنة شاملة في غزة".
نختار السلام لا التصعيد
ورداً على استهداف قاعدة العديد، أكد الأنصاري أن أمير قطر تلقى اتصالًا مباشرًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحث فيه فرص التهدئة. وقال: "كان بإمكاننا الذهاب نحو التصعيد.. لكن لأن هناك فرصة حقيقية للسلام، اخترنا التهدئة".
وسط تصاعد خطير في الإقليم، تحاول قطر استثمار الوقف المؤقت للعمليات العسكرية بين إسرائيل وإيران، ليس فقط لتفادي تمدد النزاع إلى الخليج، بل أيضًا لإحياء ملف التهدئة في غزة، الذي بقي عالقًا بفعل صراعات معقدة ومحاور متضادة. وفي ظل انشغال العالم بتصاعد الحروب، تبرز الدوحة كأحد الأصوات القليلة التي تحاول تحويل النار إلى نافذة سلام ولو مؤقتة.