دراسة علمية: التمارين الرياضية تفرز بروتينًا مضادًا للشيخوخة يعيد الشباب

في تطور علمي يسلط الضوء على التأثير العميق لـ التمارين الرياضية على الصحة والشيخوخة، توصل فريق بحثي كوري من المعهد الكوري للعلوم البيولوجية وجامعة تشونام الوطنية إلى اكتشاف مدهش يُمكن أن يُحدث ثورة في فهمنا لطريقة عمل الجسم مع التقدم في العمر.
فقد كشفت الدراسة، التي تناولت العلاقة بين التمارين الرياضية والبنية الخلوية للعضلات والعظام، عن بروتين حيوي يدعى CLCF1، يُفرز أثناء ممارسة التمارين البدنية، وله تأثير مباشر كمضاد طبيعي للشيخوخة، خاصةً فيما يتعلق بصحة العضلات وكثافة العظام.
ما هو بروتين CLCF1 ولماذا يُعد مهمًا؟
ينتمي CLCF1 إلى مجموعة تُعرف باسم الميوكينات (Myokines)، وهي عبارة عن رسائل كيميائية تُفرزها العضلات أثناء النشاط البدني، وتنتقل عبر الدم لتُحدث تأثيرات بعيدة المدى على أجهزة الجسم المختلفة، هذا البروتين تحديدًا له خصائص مميزة:
- يحسن من قوة العضلات ويمنع تآكلها الناتج عن التقدم في العمر.
- يدعم نمو العظام ويزيد من كثافتها، ما يُقلل من خطر الإصابة بالهشاشة والكسور.
- يعمل كمضاد طبيعي للالتهابات المرتبطة بالشيخوخة.
- يُعزز الاتصال بين العضلات والجهاز العصبي، مما يساعد على الحفاظ على التوازن والتنسيق الحركي لدى كبار السن.
الشيخوخة والتغير في إنتاج البروتينات
أحد التحديات الكبرى التي تواجه الجسم مع التقدم في السن هو انخفاض إنتاج العديد من البروتينات الحيوية، ومنها CLCF1، ما يؤدي إلى:
- فقدان الكتلة العضلية (الساركوبينيا).
- انخفاض كثافة العظام.
- بطء في عملية التجدد الخلوي.
- زيادة التعرض للإصابات والكسور.
لكن المفاجأة التي قدمتها الدراسة الكورية أن ممارسة التمارين الرياضية خصوصًا تدريبات المقاومة والتمارين عالية الكثافة تُعيد تنشيط إنتاج هذا البروتين الحيوي حتى لدى كبار السن.
كيف يعمل هذا البروتين كـ"آلة زمنية" في الجسم؟
أوضح الباحثون أن CLCF1 لا يعمل بمعزل عن بقية الأجهزة الحيوية، بل يتفاعل مع:
- الجهاز العصبي: يُرسل إشارات إيجابية لتحسين التواصل العصبي العضلي.
- الجهاز المناعي: يُقلل من الالتهابات المزمنة المرتبطة بتقدم العمر.
- الدماغ: يُعتقد أن له تأثيرًا في تحسين المزاج والذاكرة والتركيز.
- الجهاز الهضمي والدهني: يساعد في تنظيم عمليات الأيض وحرق الدهون.
ولهذا وصفه فريق البحث بـ"الآلة الزمنية البيولوجية" التي تعيد بعض وظائف الجسم الحيوية إلى حالتها الأقرب لما تكون عليه في الشباب.
ماذا يحدث عندما يُمنع هذا البروتين؟
في جزء من التجربة، قام الفريق البحثي بمنع إفراز بروتين CLCF1 في فئران خضعت للتمارين البدنية، النتيجة كانت صادمة:
- لم تستفد أجسام الفئران من التمارين.
- لم تُلاحظ أي زيادة في الكتلة العضلية أو كثافة العظام.
- ظهرت علامات التعب الخلوي والشيخوخة بشكل أسرع.
هذه النتائج تشير إلى أن هذا البروتين هو العنصر الأساسي الذي يربط بين النشاط البدني والتجدد الخلوي.
ما الذي تعنيه هذه النتائج بالنسبة للإنسان؟
بعد فحص عينات عضلية من متطوعين شباب وكبار في السن، قبل وبعد التمارين، تبين أن:
- الشباب يُنتجون كميات كبيرة من CLCF1 بشكل طبيعي عند ممارسة الرياضة.
- كبار السن يُنتجون كميات أقل بكثير، ما يفسر ضعف استجابتهم للتمارين في بعض الحالات.
- لكن بعد 4 إلى 6 أسابيع من التدريب المنتظم، بدأ كبار السن في زيادة إنتاج هذا البروتين تدريجيًا.
التمارين هي "نبع الشباب"
علق الباحثون في نهاية الدراسة: "قد لا نحتاج إلى إكسير سحري لإبطاء الشيخوخة. التمارين الرياضية، خاصةً عندما تُمارس بانتظام وبالشدة المناسبة، قد تكون العلاج الطبيعي الأقوى لتجديد الشباب الخلوي."
- ممارسة تمارين المقاومة (مثل رفع الأوزان أو تمارين وزن الجسم) 2-3 مرات أسبوعيًا.
- إدخال التمارين الهوائية (كالمشي السريع أو ركوب الدراجة) في الروتين اليومي.
- الانتباه إلى النظام الغذائي الغني بالبروتينات والمغذيات لدعم إنتاج الميوكينات.
- تجنب الجلوس لفترات طويلة بدون حركة.
توصلت الدراسة إلى أن فوائد التمارين الرياضية تتجاوز الشكل الخارجي أو تحسين اللياقة فقط، بل تمتد إلى مستوى الجينات والخلايا. فبفضل بروتين CLCF1، تتحول العضلات إلى مصانع علاجية تُفرز مواد تعمل على مقاومة الشيخوخة واستعادة الحيوية.
الرياضة ليست مجرد رفاهية.. بل قد تكون أقرب دواء طبيعي لمحاربة الشيخوخة وتحقيق شباب دائم من الداخل.