هل يجوز وضع التراب مباشرة على جسد الميت داخل القبر؟.. الإفتاء توضح التفاصيل

في ظل تكرار التساؤلات حول مشروعية الوفاء بالنذر عن المتوفى خاصة في حال تنفيذه عبر جمعيات خيرية خارج البلاد، كشفت دار الإفتاء المصرية على لسان الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى، الحكم الشرعي الكامل لهذه المسألة، موضحة أيضًا ضوابط مهمة حول دفن الميت وتكريمه، والفرق بين الدفن في الشق أو اللحد، لتصحيح مفاهيم شائعة.
حكم الوفاء بالنذر عن المتوفى
أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه يجوز شرعًا للزوجة أو أحد الورثة الوفاء بالنذر الذي تركه الزوج المتوفى، مثل ذبح خروف أو توزيع طعام أو ما شابه، موضحًا أن الوفاء بالنذر يُعد من الديون التي تُسدد عن المتوفى قبل تقسيم التركة، لذلك يجب إخراجه من التركة قبل توزيع الميراث، سواء تم تنفيذه من مال المتوفى أو من مال خاص بأحد الورثة.
وأوضح خلال حواره مع الإعلامية زينب سعد الدين ببرنامج «فتاوى الناس» على قناة الناس، أن النذر دين في ذمة الميت، ويجب الوفاء به طالما كان في طاعة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه".
هل يجوز إرسال النذر إلى جمعية خارج مصر؟
وردًا على سؤال متكرر من بعض السيدات عن إمكانية الوفاء بالنذر من خلال جمعيات خيرية خارج البلاد، أشار الشيخ محمد كمال إلى أن الأفضل شرعًا تنفيذ النذر في نفس البلد الذي تعيش فيه الزوجة أو الورثة، حتى تتحقق الحكمة الأساسية من النذر، وهي شكر الله والإحسان للفقراء في البيئة المحيطة.
لكن في حالة الرغبة في إرسال قيمة النذر إلى جهة خارج مصر، أوضح أنه لا حرج في ذلك شرعًا، بشرط وحيد وهام، وهو أن تكون الجمعية موثوقة وتخضع لإشراف قانوني ورقابي واضح، للتأكد من تنفيذ النذر كما هو مطلوب.
وشدد على أن التكليف يسقط عن الشخص إذا أدى ما عليه بنيّة صادقة وإجراءات سليمة، لكن إن اختار جمعية عشوائية دون التأكد من مصداقيتها، فقد يُحمّل الإثم، لأنه بذلك أخل بشرط أداء الأمانة.
خطأ شائع عند الدفن.. وأمين الفتوى يكشف الطريقة
وفي سياق الحديث عن بعض القضايا الفقهية المرتبطة بالوفاة، أكد أمين الفتوى أن الدفن الشرعي للميت يكون في باطن الأرض داخل شق أو لحد، اتباعًا لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك تكريمًا للإنسان بعد موته، استنادًا إلى قوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم".
وأوضح أن الهدف من دفن الميت في الأرض هو حماية جسده من السباع، والوقاية من إيذاء الأحياء بروائح الموت، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على كرامته بعد الوفاة تمامًا كما في الحياة.
هل يجوز وضع التراب مباشرة على جسد الميت؟
أثار الشيخ محمد كمال نقطة هامة تتعلق بطريقة وضع التراب أثناء الدفن، مشيرًا إلى أن عدداً من المذاهب الفقهية، وعلى رأسها الشافعية، ترى أنه لا ينبغي أن يُلقى التراب مباشرة على جسد الميت، بل يُفضّل وضع حاجز بين الجسد والتراب مثل قطعة قماش أو طوب لبن غير محروق.
وأشار إلى أن بعض القرى تطبق هذا الأمر بالفعل، حيث توضع قطعة قماش مؤقتة أعلى الجسد ثم تُسحب برفق بعد الانتهاء من الدفن، وهو سلوك يُعد من حسن الفهم والحرص على تكريم الميت وفق السنة.
الدفن فوق الأرض.. متى يكون جائزًا شرعًا؟
وعن انتشار دفن الموتى في مقابر فوق سطح الأرض كما يحدث في بعض القرى أو الدول، أكد الشيخ أن هذا الأمر جائز شرعًا عند الضرورة أو الحاجة الملحة، لكن بشرط تحقيق المقصود الشرعي من الدفن، وهو ستر الميت، حمايته من الاعتداء أو العبث، ومنع خروج الروائح، مع الالتزام بوجود فاصل يحفظ حرمة الجسد.
وأضاف: "إذا قام أحد بدفن ميت في غير الطريقة الشرعية عن جهل أو عدم قصد، فلا إثم عليه، فالله عفا عما سلف، لكن من المهم في المستقبل التقيد بأحكام الشريعة حفاظًا على كرامة الإنسان".
وفي ختام حديثه، شدد الشيخ محمد كمال على أهمية التحري والدقة عند اختيار الجهات المنفذة لأي نذر أو صدقة جارية، لأن هذا من باب الأمانة، وأي تهاون أو تقصير في ذلك قد يحمّل صاحبه الإثم.
وقال: "لو أرسلت النذر لجمعية موثوقة وقامت بما وُكل إليها، فلا إثم عليكِ، أما إن تساهلتِ وبحثتِ عن جمعية عشوائية دون تحقق، فقد تكونين آثمة بسبب التقصير".