عاجل

لا ينشر

الغذاء المزاجي.. كيف تؤثر وجباتك على صحتك النفسية؟

العلاقة بين الطعام
العلاقة بين الطعام والمزاج

في الوقت الذي يتزايد فيه الإقبال على الحميات الغذائية بحثًا عن جسم رشيق وصحة أفضل، تأتي دراسة علمية حديثة لتُثير تساؤلات جوهرية، هل يمكن للغذاء أن يؤثر في مشاعرنا؟ وهل قد تكون وجبتك اليومية سببًا خفيًا في تقلب مزاجك أو شعورك بالاكتئاب؟

الإجابة جاءت من باحثين أمريكيين قاموا بتحليل بيانات لأكثر من 28 ألف بالغ في الولايات المتحدة، ضمن "المسح الوطني للصحة والتغذية" (NHANES) بين عامي 2007 و2018، وتوصلوا إلى نتيجة حاسمة، وهي الأنظمة الغذائية القاسية أو الفقيرة بالعناصر الأساسية ترتبط بزيادة معدلات الاكتئاب، خصوصًا لدى الرجال.

حميات قاسية.. ومزاج متقلب

وفقًا للدراسة المنشورة في يونيو 2025، فإن الأشخاص الذين يتبعون حميات منخفضة السعرات أو يفتقر غذاؤهم إلى التوازن الغذائي، كانوا أكثر عرضة لأعراض نفسية مزعجة، من بينها:

  • ضعف في التركيز.
  • إرهاق ذهني مستمر.
  • اضطرابات في المزاج دون مبرر واضح.

حتى وإن بدت الفروقات الرقمية بين المجموعات صغيرة، فإن ثبات هذه النتائج عبر السنوات جعل العلماء يرفعون الراية الحمراء حول التأثير النفسي السلبي للغذاء غير المتوازن.

الرجال أكثر تضررًا.. لماذا؟

من اللافت في نتائج الدراسة أن التأثير النفسي السلبي لـ الحميات الغذائية كان أكثر وضوحًا بين الرجال، تحديدًا أصحاب الكتلة العضلية الكبيرة أو من يمارسون نشاطًا بدنيًا عاليًا، ويفسر الباحثون ذلك بعدة عوامل:

الاحتياج البيولوجي الأكبر: أجسام الرجال تحتاج إلى كميات أعلى من الكربوهيدرات والدهون الصحية مثل أوميغا 3، وهي عناصر حيوية لإنتاج النواقل العصبية المسؤولة عن الحالة النفسية مثل السيروتونين والدوبامين.

الثقافة الذكورية الصامتة: كثير من الرجال لا يعبرون عن مشاعرهم النفسية أو يعترفون بالتعب الذهني، ما يجعلهم يعانون بصمت عند اتباع الحميات الغذائية التي تعتمد على حرمان الجسم من مصادر الطاقة المتنوعة.

عندما يتحول الغذاء إلى عبء نفسي

الدراسة حذّرت من أن التعامل مع الطعام بوصفه عدوًا، أو الاعتماد على أنظمة تقشفية، قد يحوّل وجباتنا من مصدر للتغذية والطاقة إلى سبب مباشر في الإجهاد النفسي والبدني، كما أشار الباحثون إلى أن نقص عناصر أساسية مثل:

  • الحديد.
  • الزنك.
  • فيتامينات B.

يمكن أن يؤدي إلى خلل في وظائف الدماغ، ويزيد من فرص الإصابة بالاكتئاب.

من جانب آخر، فإن الحميات الغذائية المتعلقة بالأطعمة المعالجة وفقيرة بالألياف تؤثر على توازن بكتيريا الأمعاء (الميكروبيوم)، والتي بات يُعرف اليوم أنها تؤثر بشكل مباشر على كيمياء الدماغ والحالة المزاجية.

لا تكره الطعام.. نظّم علاقتك به

بدلاً من اتباع أنظمة غذائية صارمة ومؤذية، توصي الدراسة باتباع نمط تغذية متوازن يحترم حاجات الجسم النفسية والبيولوجية معًا، ويكمن الحل  بحسب الخبراء  في:

  • تناول وجبات متنوعة غنية بالخضراوات.
  • الاعتماد على الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة.
  • استخدام الدهون الصحية مثل زيت الزيتون وأوميغا 3.
  • تجنب الحرمان الغذائي أو تقليل الوجبات إلى حد خطير.

فالغذاء ليس فقط مصدرًا للطاقة، بل هو جزء من روتين العناية النفسية اليومية، ووسيلة فعّالة لتحسين المزاج، دعم وظائف الدماغ، وتخفيف أعراض التوتر والاكتئاب.

ما تأكله يكتب سطور يومك النفسي

ما تأكله اليوم لا يؤثر فقط على وزنك أو مستوى السكر في دمك، بل على الطريقة التي تفكر وتشعر بها، في عالم تزداد فيه الضغوط النفسية، يصبح الغذاء المتوازن درعًا نفسيًا وجسديًا، وليس فقط وسيلة للشبع أو فقدان الوزن.

فاحرص على أن تكون الحميات الغذائية متعلقة بـ قائمة الطعام التي تعمل على الوعي لا على الحرمان، وعلى التوازن لا التطرف.

تم نسخ الرابط