علماء الأزهر: الدعاء للميت عند قبره من أفضل القُربات.. وليس فيه بدعة
في لحظة وداع الراحلين، يقف الأحباب في خشوعٍ أمام القبر، يرفعون أيديهم، وتنساب الألسن بالدعاء، علّ الرحمة تغمر من رحل. لكنّ سؤالًا طالما تردّد في أذهان الناس: هل يجوز الوقوف عند القبر والدعاء للميت بعد دفنه؟ وهل هذا الفعل مشروع شرعًا أم بدعة مستحدثة؟
الإجابة جاءت واضحة على لسان علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية، مؤكدين أن الدعاء للميت عند القبر سُنّة نبوية مشروعة، بل من الأعمال المستحبة التي أوصى بها النبي ﷺ وأقرها الصحابة رضوان الله عليهم.
الهدي النبوي: “استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت”
تستند المشروعية على حديث صريح للنبي محمد ﷺ، رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال:
“كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل” [رواه أبو داود].
وهذا الوقوف الذي مارسه النبي بنفسه، يحمل دلالة قوية على جواز بل واستحباب الوقوف على القبر والدعاء للميت، خاصة في لحظات ما بعد الدفن، حيث يمرّ الميت بمرحلة سؤال الملكين.
دار الإفتاء: الدعاء عند القبر مشروع قبل الدفن وبعده
في بيانها الرسمي، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الدعاء للميت عند القبر مشروع باتفاق العلماء، سواء عند زيارة القبر بعد زمن، أو عقب الدفن مباشرة.
وقالت في فتوى منشورة على موقعها الإلكتروني الرسمي:
“الدعاء للميت عند قبره سواء من أهله أو غيرهم، يُعتبر من الأعمال الطيبة، وهو داخل في عموم قوله تعالى:
﴿ وَقُل رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ﴾ [نوح: 28]،
كما أن زيارة القبور تذكّر بالآخرة وتحث على الزهد”.
ما يجوز فعله عند القبر
أوضح العلماء أن من الأعمال المشروعة عند القبر:
• الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة والثبات.
• قراءة ما تيسّر من القرآن – وهو أمر مختلف فيه بين الفقهاء، لكن جمهور العلماء يجوّزونه.
• السلام على أهل القبور، كما ورد في الحديث:
“السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين…” [رواه مسلم].
ولا حرج في رفع اليدين عند الدعاء، فهو من الهيئات الثابتة في سُنن الدعاء، سواء في القبر أو غيره.
ما يُنهى عنه عند القبور
بينما أجاز العلماء الدعاء عند القبر، شددوا في المقابل على:
• تحريم الاستغاثة بالأموات أو طلب قضاء الحاجات منهم.
• عدم المبالغة في رفع الصوت أو النحيب.
• اجتناب البدع مثل التوسّل بالأولياء بذاتهم دون الدعاء لله وحده
