لفت انتباهي وفخري في نفس الوقت ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها منصة إكس (تويتر سابقًا) من سجالات بين الصحفية هند، وللأسف ليست لدي معلومات غزيرة عنها، وبين كوهين الصهيوني. بدت هند في كل تصريحاتها واعية مدركة خبث من يتلقى الحديث منها، لذا فقد كانت جادة وصارمة في ردودها. هند في وقفتها وطريقة إلقاء العبارات كانت فخرًا لكل مصري، لأن كلامها كان نابعًا من وطنية أصيلة ومصرية بكل ما تحمله الكلمة من حروف ومعاني وصفات.
استفزها الصهيوني عندما قال لها: "مش عاوز نسوان تكلموني، ما تجيبولي نسوان أتحادث معهم". فكان ردها ضربة قاضية له، حيث قالت: "النسوان أو الستات هم الذين ربوك، نحن المرأة المصرية كانت بملكة في الوقت الذي كانت فيه نساء العالم كله خادمات وآمات".
في كل لقاءاتها، ظهرت هند واضحة الملامح وصارمة الرد، ووصفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأحمق، وزادت قائلة: "ولكن لا أعتقد أنه سيزيد من حمقه ويجازف بالمواجهة ويدخل في حرب وجدال مع مصر". وأكدت الرائعة هند أن إسرائيل ليست هدفها كما تدعي تكوين دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، ولكن لها هدف تموت من أجل تحقيقه في أقرب وقت، وهو احتلال سيناء تنفيذًا لنبوءتهم التي تقول لهم إن بهذه الخطوة سيصبح بنو صهيون مالكين نواصي الأرض ومن عليها.
سجالات هند مع الصهاينة خلقت حالة من القلق والذعر في سلالة الصهاينة، وصارت منصات تواصلهم تخاطب المصريين بين لهجتين: إحداهما الاستعطاف والأخرى بالتوعد والترهيب. ليكمل هذه الموجة كوهين الصهيوني ويقول في تغريدة له حديثة: "إلى المصريين الشامتين فيما حل بتل أبيب، لن أقول لكم سوى أربع كلمات: الدنيا دولاب والأيام تدور".
ولك أن تتخيل كمية التعليقات على هذه التغريدة من غير المصريين الذين قالوا أجمل ما يقال عن مصر وشعبها، وأن الدوائر تدور على الظالمين، ومصر وشعبها لم يكونوا أبدًا ظالمين. أكثر من ألف تعليق ليس بينهم واحد يقف في صف كوهين، بل إن بعض المعلقين اليهود أكدوا لكوهين أنه بدلاً من ذلك، ومهاجمة مصر والمصريين، فعليه أن يهاجم رئيس حكومته الذي يجر البلاد إلى الهاوية.
بين تصريحات هند وقهر الصهاينة، لا يختلف اثنان عن فرحة وشماتة كل الشرفاء والمقهورين الذين رأوا بأعين الحسرة والندم على ما يقرب من عامين من الظلم الإسرائيلي لأهل غزة، ودمار شامل للقطاع الحزين وبؤس مطبق عاشه أبناء غزة، وحصار قاسي أحاط بهم وجوع فتاك نال منهم. نعم، كلنا شامتون ومباركون ما فعلته إيران، وندعو بالمزيد والمزيد من الدمار والهلاك لدولة الحرب والفساد في الأرض، إسرائيل، وداعمتها الكبرى وحلفائها الذين يغضون أبصارهم عما فعله بنو صهيون في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، والآن فقط مذعورين من القصف الإيراني لإسرائيل، ويطالبون بأشد الجزاء والعقاب.
على الباغي تدور الدوائر، وما كان ربك نسيًا... سلامًا على أهل السلام، وهلاكًا لأهل الهلاك والدمار. وتحية ونرفع القبعة للمصرية الأصيلة هند، وكل معاني الاشمئزاز والتنديد بل والقرف لكوهين ومن على شاكلته.