عاجل

في موسم درامي مزدحم بالأعمال التقليدية، تأتي ريهام حجاج بمسلسل أثينا لتقدم تجربة درامية مختلفة، تمزج بين الإثارة النفسية والقضايا الاجتماعية المعاصرة، مع لمسة سياسية جريئة.

مسلسل أثينا لا يقتصر فقط على كونه قصة تشويق حول الصحافة الاستقصائية والفساد، بل يتعمق في تأثير التكنولوجيا المظلمة على الأجيال الجديدة، ويثير تساؤلات حول أخلاقيات الإعلام وتأثير الإنترنت على سلوكيات المجتمع.

مسلسل أثينا يحمل بُعدًا إنسانيًا وسياسيًا

نادين، الشخصية التي تؤديها حجاج، ليست مجرد صحفية عادية، بل امرأة قررت أن تواجه الفساد والكشف عن أسرار تتجاوز قدرتها على الاستيعاب، بدءًا من انتحار شقيقتها في ظروف غامضة، وصولًا إلى شبكة غامضة تتلاعب بعقول الشباب من خلال الإنترنت المظلم. نادين لا تسعى فقط لكشف الحقيقة، بل تحاول النجاة منها، وسط عالم لا يرحم الباحثين عن العدل.

وحمل مسلسل أثينا بُعدًا إنسانيًا وسياسيًا من خلال مشهد مؤثر جسّد ذكرى استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، لم يكن هذا المشهد مجرد استرجاع درامي، بل كان بمثابة تحية لواحدة من أبرز الشخصيات الصحفية التي دفعت حياتها ثمنًا للحقيقة.

المشهد لم يمر مرور الكرام، فقد أثار اهتمام الجمهور، وأعاد إلى الأذهان اللقطات الحقيقية التي وثّقت لحظة استهداف شيرين أبو عاقلة، وهو ما أضفى على المسلسل بعدًا أكثر واقعية، هذا التوظيف الدرامي لقضية إنسانية حقيقية يُحسب لصناع أثينا، حيث لم يقتصر العمل على تقديم حبكة تشويقية فحسب، بل استخدم الدراما كأداة لتسليط الضوء على قضايا كبرى تتجاوز حدود القصة والشخصيات.

بهذا المشهد، يثبت أثينا أن الدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل يمكنها أن تكون مساحة لإحياء الذكريات، وتخليد أسماء من دفعوا حياتهم ثمنًا لكشف الحقيقة.

ريهام حجاج من مسلسل أثينا
ريهام حجاج من مسلسل أثينا

منطقة جديدة لم تتطرق لها الدراما كثيرًا


ما يميز أثينا هو خروجه من الدراما التقليدية التي تعتمد على الصراعات العائلية أو الأكشن المعتاد، ليدخل في منطقة جديدة لم تتطرق لها الدراما المصرية كثيرًا، وهي تأثير التكنولوجيا المظلمة على الشباب، المسلسل يطرح تساؤلات مهمة حول كيف يمكن لشخص مجهول، باستخدام بضع كلمات على الإنترنت، أن يدفع شخصًا آخر للانتحار؟ كيف يمكن أن يتحول الفضاء الافتراضي إلى سلاح يهدد الحياة الحقيقية؟

في الوقت الذي نعيش فيه وسط ثورة رقمية تجعل كل شيء متاحًا بضغطة زر، يكشف أثينا الوجه الآخر لهذا التطور، حيث يصبح الإنترنت ساحة للحروب النفسية، والتلاعب بالعقول، واستخدام المعلومات كسلاح ضد الأفراد. الشخصية الغامضة "أثينا"، التي تسيطر على الأحداث، ليست مجرد شخصية شريرة تقليدية، بل تمثل فكرة السلطة غير المرئية التي تفرض نفسها على حياة الآخرين دون أن يروها أو يعرفوا هويتها.

ريهام حجاج.. خطوات مدروسة بعيدًا عن النمطية


بعيدًا عن الجدل المعتاد حول من يستحق البطولات المطلقة في الدراما، تثبت ريهام حجاج أنها لا تعتمد على الأضواء بقدر ما تعتمد على اختياراتها الذكية، منذ أن بدأت مشوارها الفني، لم تلجأ كثيرًا للأدوار النمطية للبطلة الرومانسية أو الفتاة المدللة، بل اعتمدت بشكل أكبر على الشخصيات التي تعيش صراعات حقيقية، سواء كانت اجتماعية أو نفسية.

في جميلة، قدمت نموذجًا مختلفًا للمرأة القوية التي تواجه صراعات الأسرة والسلطة، وفي يوتيرن، خاضت رحلة معقدة في اكتشاف الذات بعد أن قلبت الصدفة حياتها رأسًا على عقب. ومع أثينا، تتحدى نفسها مرة أخرى، من خلال شخصية تحمل أبعادًا نفسية واجتماعية وسياسية، تجعلها أقرب إلى الواقع مما يتخيل البعض.

لماذا ينجح أثينا؟


قد يكون النجاح الجماهيري للعمل مرهونًا بعوامل كثيرة، لكن ما يجعل أثينا مختلفًا هو قدرته على الجمع بين القصة المشوقة والطرح العميق، فالمسلسل لا يكتفي بتقديم دراما مشوقة، بل يثير قضايا واقعية تتعلق بحرية الصحافة، والأخلاقيات الرقمية، وتأثير التكنولوجيا على سلوكيات الشباب.

ريهام حجاج هنا ليست فقط بطلة العمل، بل هي جزء من رسالة يحاول المسلسل إيصالها، حول كيف يمكن للحقيقة أن تكون أكثر خطرًا من الأكاذيب، وكيف يمكن أن يصبح البحث عنها معركة بحد ذاتها.

أثينا عمل يستحق المتابعة 

قد لا يكون أثينا المسلسل الأكثر صخبًا هذا الموسم، لكنه بالتأكيد واحد من الأعمال التي تستحق المتابعة، ليس فقط لأنه يقدم حبكة درامية مشوقة، ولكن لأنه يضع المشاهد أمام أسئلة تحتاج إلى إجابات، ويكشف عن عالم ربما لم ننتبه إلى خطورته من قبل

 

تم نسخ الرابط