عاجل

الصلوات المتروكة.. هل يجب قضاؤها؟ علماء الأزهر يوضحون

الصلاة
الصلاة

يطرح كثير من المسلمين تساؤلًا شائكًا يتكرر في المجالس والبرامج الدينية وعلى منصات التواصل: من فاتته الصلوات عمدًا أو تكاسلًا في فترة من حياته، هل يجب عليه أن يقضي ما فاته بعد أن عاد إلى التزامه؟

اختلاف فقهي قديم.. وتفصيلات دقيقة

وفق ما ورد في المذاهب الأربعة المعتمدة، فإن الجمهور من الفقهاء (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة) ذهبوا إلى أن من ترك الصلاة عمدًا أو تكاسلًا يجب عليه أن يقضي كل الصلوات التي فاتته، ما دام يتذكرها ويعرف عددها أو يقدّره، وذلك استنادًا إلى عموم قول النبي ﷺ:
“فدين الله أحق أن يُقضى.”

ويعتبر هذا الرأي أن الصلاة دين في ذمة الإنسان لا يُسقطه إلا القضاء، تمامًا كالصيام في حال الفطر بغير عذر، مؤكدين أن التوبة لا تُغني عن أداء الفريضة الفائتة.

لكن في المقابل، هناك رأي آخر، يُنسب لبعض فقهاء السلف، ويميل إليه عدد من العلماء المعاصرين، يرون أن من ترك الصلاة عمدًا – أي لا عن نسيان أو نوم – فإن ذنبه عظيم، لكن قضاءها لا يُطلب منه، بل عليه أن يُكثر من النوافل، والتوبة، والإنابة، ويُداوم على الصلاة في وقتها مستقبلاً.

ويستند هذا الفريق إلى أن العبادة المرتبطة بوقت إذا فات وقتها عمدًا، لم يعد لها بدل مشروع، مثل صلاة العيد أو الجمعة، التي لا تُقضى إذا فات وقتها. كما يحتجّون بأن النبي ﷺ لم يُنقل عنه أنه أمر من ترك الصلاة عمدًا أن يقضيها، بل ربط النجاة بالتوبة والعودة للانتظام.

الرأي الأرجح.. مرونة وتفصيل

وبين هذا وذاك، يُشير عدد من الباحثين في الفقه المقارن إلى أن المسألة تعتمد على النية وصدق التوبة ومدى الاستطاعة. فمن يستطيع القضاء دون مشقة، فالأفضل له أن يقضي ما فاته، خروجًا من الخلاف، وطلبًا للأجر.
أما من لا يتذكر عدد الصلوات، أو يعجز عن قضائها لكثرتها، فإن الاجتهاد في النوافل، والمحافظة على الفروض، والاستغفار، قد تُكفّر ما مضى بإذن الله، خاصة إن اقترنت بتوبة نصوح.

ويُستأنس في ذلك بقوله تعالى:
﴿إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ﴾ [هود: 114]، وقوله ﷺ: “اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها.”

ماذا يفعل من عاد للصلاة بعد غفلة؟

يُنصح من عاد إلى الصلاة بعد غفلة، أن يُكثر من الاستغفار، وأن يحافظ على الفروض في أوقاتها، مع الإكثار من النوافل كصلاة الضحى، والسنن الرواتب، وقيام الليل، وصلاة الوتر، لأنها كلها من وسائل تعويض النقص والتقصير.

وفي حال أراد القضاء، فليبدأ بهدوء، بأن يُضيف لكل يوم بعض الصلوات الفائتة بحسب طاقته، دون أن يُثقل على نفسه أو يصاب باليأس. فالله رحيم بعباده، وقد فُتح باب التوبة لكل من طرقه بصدق، قبل فوات الأوان.

في النهاية، فإن ترك الصلاة معصية عظيمة، لكن باب العودة إلى الله مفتوح. والقضية ليست في الفتوى وحدها، بل في صدق النية، واستمرار الالتزام، والرغبة في التكفير عن الذنب.

وعلى المسلم ألا يُثقل على نفسه بوساوس القضاء أو الحساب، بل يركز على أن يكون حاضر القلب، مستقيم الحال، دائم الصلة بالله في حاضره، طالبًا عفوه عن ماضيه، وراجياً رحمته في مستقبله

تم نسخ الرابط