تركت الصلاة عمدًا أو نسيانًا؟.. الإفتاء توضح متى يجب عليك القضاء

يتساءل الكثير من المسلمين عن حكم الصلوات الفائتة، خاصةً إذا كانت قد تُركت الصلاة عمدًا أو سهوًا، وفي هذا السياق، أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها من أحد المتابعين، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مفاده: "ما حكم قضاء الصلوات المتروكة عمدًا أو نسيانًا؟".
وأوضحت الدار بشكل قاطع أن "قضاء الصلاة المفروضة التي فاتت واجبٌ شرعًا، سواء فاتت بعذرٍ غير مسقطٍ لها، أو بغير عذر."
الإفتاء: لا توبة صحيحة من ترك الصلاة بدون قضاء
وأضافت أن التوبة وحدها لا ترفع وجوب القضاء، فالصلاة لا تسقط بالتوبة فقط، بل يجب على المسلم التوبة مع القضاء معًا، لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، والقضاء يُعتبر جزءًا من هذا الإقلاع، فمن تاب ولم يقض ما فاته، فلا يعدّ تائبًا توبة صحيحة شرعًا.
وبهذا، وضعت دار الإفتاء حدًّا للخلط السائد بين التوبة عن ترك الصلاة والقضاء العملي لها، مؤكدة أن الواجب على كل مسلم أن يبادر بقضاء ما فاته من صلوات، حتى لو كان تركها لعذر أو دون عذر، فالصلاة هي عماد الدين ولا تُترك تحت أي ظرف.
حكم التقشير الكيميائي في الإسلام
وفي فتوى أخرى أثارت اهتمام المتابعين، كشفت دار الإفتاء المصرية عن حكم إجراء التقشير الكيميائي للوجه والكفين، وهو إجراء طبي تجميلي يلجأ إليه الكثيرون لعلاج آثار حب الشباب، والتصبغات، والبقع الناتجة عن التقدم في السن أو الحمل.
وأكدت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، أن "التقشير الكيميائي جائز شرعًا سواء للتداوي أو التجميل، للرجال والنساء على حد سواء، بشرط ألا يسبب ضررًا مؤكدًا أو متوقعًا، وأن يتم على يد متخصصين مرخَّص لهم."
هذا الحكم يشمل تقشير الوجه، الكفين، الرقبة، وأي جزء آخر من الجسم، ويخضع لمعيار شرعي وأخلاقي محدد وهو عدم الإضرار بالنفس، عملاً بقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" في الشريعة الإسلامية.
حب الزينة فطري ومشروع
أوضحت دار الإفتاء أن حب الزينة والحرص على الظهور بمظهر حسن هو أمر طبيعي وفطري، وقد أقرّه الشرع الكريم، مستشهدة بقول الله تعالى ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾
وأضافت الدار أن الوجه والكفّين من أكثر المواضع التي تحرص النفس على ظهورهما في أفضل حال، إلا أنه قد يُصيب الإنسان بعض التغيرات بسبب المرض، الحروق، الكلف، النمش، أو آثار التقدم في العمر، مما يدفعه لاستخدام وسائل طبية لإعادة المظهر الطبيعي للجلد.
وأكدت الفتوى أن من حق الإنسان التداوي وتحسين مظهره إذا كان ذلك يحقق له الراحة النفسية أو يعالجه من حالة مرضية أو تشوه جلدي، شريطة أن تكون الوسيلة الطبية آمنة وغير ضارة، وأن يجريها مختصون.
التقشير لا يُعد تغييرًا لخلق الله طالما لم يُفضِ إلى ضرر
ردًّا على من يربط بين التقشير وبين تغيير خلق الله، أوضحت دار الإفتاء أن "ما يُحرم من الزينة هو ما يقصد به التغيير الدائم لخلق الله بشكل مبتذل، أو ما يُسبب الأذى أو الضرر، أما التجميل المؤقت أو التداوي فمباحٌ شرعًا."
وأضافت أن التقنيات الحديثة في التجميل مثل التقشير الكيميائي أو الليزر أو المراهم الموضعية تدخل ضمن باب العلاج التجميلي وليس التغيير، ما دامت الغاية منه تحسين المظهر أو إزالة الأذى، وليس التشبه أو التحايل على الخِلقة.
مرجعية دينية وسطية تلبي واقع الناس
تُعد دار الإفتاء المصرية مرجعًا رئيسيًا في العالم الإسلامي في إصدار الفتاوى المنضبطة، وتركز دائمًا على الاعتدال والمرونة في التعامل مع القضايا اليومية للمواطنين، مع مراعاة تطورات العصر وتحدياته. وتأتي فتواها بشأن قضاء الصلاة والتقشير الكيميائي نموذجًا لهذا النهج الوسطي الذي يجمع بين الالتزام بالأصول الشرعية، وفهم الواقع الطبي والاجتماعي المعاصر.