يوم الجمعة الأخيرة من ذي الحجة: أجمل الأعمال والعبادات في وداع العام الهجري

بدأت الدقائق الأولى من ليلة الجمعة الأخيرة من شهر ذي الحجة (آخر جمعة في العام الهجري 1446) ومعها يكثر البحث عن أعمال يوم الجمعة المستحبة وهو ما سنوضحه في التقرير التالي.
الجمعة الأخيرة من ذي الحجة.. كيف اغتنم أجرها وثواب العام الهجري المنقضي؟
تقول دار الإفتاء إن يوم الجمعة من خصائص الأمة المحمدية؛ فقد ورد في الحديث الشريف: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؛ فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ» متفق عليه واللفظ لمسلم.
كما أن يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين؛ كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في "مسند أحمد"، وهو أفضل أيام الأسبوع، خصَّه الله تعالى بعدة خصائص لمزيد فضله ولبيان مكانته؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ» رواه مسلم.

فضل من مات في يوم الجمعة أو ليلتها
ومن مات في يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله فتنة القبر، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ» رواه أحمد والترمذي.
الأعمال المستحبة يوم الجمعة
ومن أجل هذه الفضائل فقد اختصَّ يوم الجمعة بعدة وظائف يستحب للمسلم أن لا يغفل عنها، ومن ذلك الغُسل يومها، ولبس أحسن الثياب، والأبيض أفضلها، والتعطر، والتبكير لصلاة الجمعة، وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقراءة سورة الكهف، ومن الوظائف أيضًا التماس ساعة الإجابة؛ فقد ورد في عدة أحاديث أن يوم الجمعة فيه ساعة لا يرد فيها الدعاء.
1. معرفة وقت ساعة الاستجابة
اختلف العلماء في تحديد وقت “ساعة الاستجابة” يوم الجمعة، ولكن أرجح الأقوال:
• آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب الشمس، أي ما بين العصر والمغرب، وهو قول عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم.
• كما رجّح بعض العلماء أنها تقع بين صعود الإمام على المنبر إلى انقضاء صلاة الجمعة.
ولذا يُنصح أن يتحرى المسلم هذين الوقتين، ويدعو فيهما بكل ما يرجو من ربه، فقد تكون تلك الساعة سببًا لتغيير قدَر، أو رفع بلاء، أو تحقيق دعوة طال انتظارها.
2. الإكثار من الدعاء: الدعاء هو سلاح المؤمن، وأعظم ما يستثمر فيه العبد ساعات الجمعة. فخصص وقتًا بعد صلاة العصر لتجلس مع نفسك في خلوة، تبث فيها شكواك إلى الله، وتفتح قلبك له، وادعه بما تحب من خيري الدنيا والآخرة، فإنه يحب الملحين في الدعاء، القادرين على الإلحاح بخشوع وصدق ويقين.
وإياك أن تظن أن شيئًا من دعائك يضيع، فإن الله لا يرد يدًا رُفعت إليه.
3. تحرّي آداب الدعاء
للدعاء آداب تزيد من قبول العمل وتقرّبك من الله، ومن هذه الآداب:
• الإخلاص: أن تستحضر قلبك وتخلص نيتك، فلا تدعو رياءً ولا عادة.
• التيقن بالإجابة: كن واثقًا أن الله سيجيب، وإن لم ترَ أثر الدعاء سريعًا.
• ابدأ بالصلاة على النبي ﷺ، فالدعاء بين صلاتين عليه لا يُرد.
• أثنِ على الله بأسمائه وصفاته، واذكر نعمته عليك، ثم سل حاجتك.
• الإلحاح في الدعاء: كرّر دعاءك وألحّ فيه، ولا تستعجل النتيجة.
4. الوضوء واستقبال القبلة
من آداب الدعاء التي وردت عن النبي ﷺ:
• أن يكون المسلم على طهارة.
• أن يستقبل القبلة إذا تيسر له ذلك.
• أن يرفع يديه في الدعاء؛ فهي هيئة من التذلل والخضوع.

5. الاجتهاد في يوم الجمعة كله
يوم الجمعة يوم عبادة من طلوع فجره حتى غروب شمسه، لذا يُستحب فيه:
• الاغتسال والتطيب، ولبس أحسن الثياب استعدادًا لصلاة الجمعة.
• قراءة سورة الكهف، لما فيها من نور وبركة بين الجمعتين.
• كثرة الصلاة على النبي ﷺ، فهي من أفضل القربات في هذا اليوم.
• الذهاب مبكرًا إلى المسجد، والمكوث فيه بنية الاعتكاف والاستعداد للصلاة.
• الإنصات للخطبة وعدم الانشغال عنها، فالسكون وقت الخطبة واجب شرعًا.
6. الإكثار من الاستغفار: الاستغفار يطهّر القلوب، ويمهّد الطريق لاستجابة الدعاء. قال الله تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا” [نوح: 10-11]. فابدأ دعاءك بالاستغفار، وكرّره كثيرًا في يوم الجمعة، فهو مفتاح الرزق، وسبب للرحمة، ومزيل للغفلة، وممهّد للدعاء أن يصعد إلى السماء بلا حجب.
7. الإكثار من الصلاة على النبي: تعد الصلاة على النبي في يوم الجمعة من أعظم القربات، وأحب الأعمال إلى الله تعالى، وأرجى ما يُستجاب به الدعاء. فقد قال النبي ﷺ: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي".