زوال إسرائيل وتحرير القدس.. ماذا قال الشعراوي عن موعد نهاية الكيان؟

تحل اليوم الثلاثاء، ذكرى رحيل الشيخ محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة ووزير الأوقاف سابقًا، وأبرز علماء الأزهر على مر العصور، وفي ذكراه نرصد أهم المحطات في حياة إمام الدعاة، وما قاله عن زوال إسرائيل بالتزامن مع الحرب الدائرة بين الكيان المحتل وإيران.

ذكرى رحيل الشيخ الشعراوي .. ماذا تعرف عنه؟
ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
وبعد حصوله على الثانوية الأزهرية، اختار «الشعراوي» استكمال الدراسة في تخصص اللغة العربية؛ لتكون بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان.
وبالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ إمامًا للدعاة وعلامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم، وارتبط وجدانهم بحديثه وخواطره حول كتاب الله عز وجل.
مواقف الشيخ الشعراوي الوطنية
وللشيخ الشعراوي مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله ﷺ، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم.
وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك.
وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.
ومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.
وللشيخ مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة.
في أي عام توفي الشعراوي؟
وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.
متى تزول إسرائيل؟.. تفسير صدم للشيخ الشعراوي
جاء في تفسير الشيخ الشعراوي للآية رقم 104 من سورة الإسراء: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا)، صدق الله العظيم، إن هناك أمراً إلهياً لا مناص منه، قد قضاه على اليهود بأن يسكنوا الأرض، والأرض هنا هي كلّ الأرض، وليست فقط فلسطين، وسُكْنى الأرض كلّها يعني التشتّت فيها، وجاء عقاباً لليهود بعد سلسلة من المعاصي التي اقترفوها، ومنها قتْل الأنبياء بغير حقّ، وعبادة العجل، ورفض دخول أرض فلسطين، وتحريفهم للتوراة، وأكلهم السُحْت، أي الحرام، ونشرهم للزنا والربا والرذيلة، وغيرها من المعاصي التي فصّلها القرآن الكريم.
وبين أن التشتّت في الأرض يُناقض الاجتماع في دولة واحدة، فإذا تلاعب اليهود واجتمعوا في دولة واحدة جاء اللهُ بعبادٍ له يخرجونهم منها بالقوة، ويُعيدهم لحالة التشتّت، وهناك من علماء اليهود، بل وحتّى من عامّتهم، يعتقدون أنّ زوال دولة إسرائيل سيكون حال اكتمال اجتماعهم فيها، ولمّا تأسّست إسرائيل عام ١٩٤٨م؛ رقص الشباب اليهود فرحاً، بينما بكى كبار السنّ والعالمون بالكتب، لعلمهم أنّ مصير التشتّت الحتمي ينتظرهم، ولو بعد حين.
كما شرح الشيخ محمد متولى الشعراوى – رحمه الله -، في تفسيره لكتاب الله، قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (4) فَإذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} [الإسراء: 4 - 8].
وقال إن الاتفاقيات التي جاءت باليهود إلى فلسطين مثل وعد بلفور هي خدمة لقضية الإسلام فبعد أن كانوا مبعثرين بالأرض يتم تجميعهم في مكان واحد.
ولفت الشيخ الشعراوى إلى أنه ورد فى كتاب اليهود أنهم سيفسدون فى الأرض مرتين وهذا ما حدث بالفعل، منوهًا أن المسلمين إذا تخلفوا عن عباد الله فستعود الكرة لبني اسرائيل، منوهاً أننا نعيش الآن الحالة التي تنطبق عليها الآية «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ».
وأوضح أن هذه الكرة ستنتهي حينما نعود ثانية عبادا لله، فإن شاء المسلمين أطالوها وإن شاؤوا قصروها، وعلى المسلمين أن يأخذوا الأمر على أنه أمر ديني وليس أمراً عربياً أو سياسياً، وذلك لا يكون إلا إذا كنا جميعا عبادا لله فإذا كنا كذلك فلن يتمكنوا منا، فالله إذا تكلم في قضية قرآنية فلابد أن تأتي القضية الكونية مصدقة لها.
وأشار إلى أن الكَرة التي أتت لليهود ليتخرج المسلمين من المسجد، ولكن سيأتي وعد الآخرة وسيدخل المسلمون مسجدهم مرة أخرى مصداقاً لوعد الله، منوها أن المسلمين الآن في انتظار تحقق قوله تعالى: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً» وهذا لن يكون إلا بإرادة المسلمين وبعودتهم عبادا لله مرة أخرى.
موعد تحرير القدس
وعن موعد تحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي، خلال تفسيره لما جاء في كتاب الله العزيز: (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا). قال الشيخ الشعراوي، إنَّ المسلمين سينتصرون حينما يعودوا عبادا لله، مضيفا: «إذا كنا عبادا لله لن يتمكنوا منا»، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى حينما يتكلم بقضية قرآنية لابد أن تأتي القضية الكونية، مصدقة لها.
وتابع الشيخ الشعراوي أنَّ النصر على إسرائيل «لن يكون إلا إذا كنا جميعًا عبادًا لله فإذا كنا كذلك لن يتمكنوا منا»، موضحًا خلال حديثه عن القضية الفلسطينية وتحرير بيت المقدس: «بعض العارفين الذين نعتقد قربهم من الله حينما أُخبرنا بأن اليهود دخلوا بيت المقدس، سجد لله، فقلنا أتسجد لله على أن اليهود دخلوا بيت المقدس، فقال نعم صدق ربنا، لافتا إلى قول الله تعالى: (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)»، موضحاً أنَّ التفسير تلك الآية يؤكد أنه كان هناك خروج أول مرة.

تفسير الشعراوي لتحرير بيت المقدس
واستشهد الشيخ الشعراوي في حديثه بقوله تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)، موضحا أنَّ الله عز وجل يخاطب هنا اليهود، لافتا إلى أن النفير هو ما يستنفره الإنسان لنجدته لأن قوة ذاته قاصرة عن الفعل، مبينا أنَّ اليهود يدعمهم أقوى دولتين عظمتين، متابعاً ثم بعد ذلك يحسم الله قضيته، ويقول لليهود: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).
وتطرق الشعراوي إلى قول الله تعالى عن اليهود: (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا)، مؤكًدا «أننا في انتظار فإذا جاء وعد الآخرة وعدنا عباداً لله كما كان في المرة الأولى سندخل المسجد كما دخلناه أول مرة».