لماذا الكذب أشد منكرًا من السرقة والزنا؟.. علي جمعة يوضح

يحتار المسلم في أمر الكذب، خاصة وأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نفاه عن المسلم وإن بين أنه قد يرتكب مخالفات أخرى كالسرقة والزنا فهل الكذب أعظم جرما؟
هل الكذب أعظم جرما من الزنا والسرقة؟
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الكذب هو مخالفةً للواقع، ومخالفةً لما أراده الله سبحانه وتعالى من خلقه، خاصة إذا كان الكذب عن عمد.
واستطرد: "أما ما كان عن خطأ، فإذا كان في جيبي أموال وقلت: ليس هناك مال في جيبي، ثم تبين لي أن هناك مالًا، فإن ذلك خطأ وليس كذبًا؛ لأنني لم أتعمد أن أنسب إلى الله سبحانه وتعالى شيئًا عمدًا، وإنما هو نوع من أنواع الخطأ الذي يقع في الإدراك".
لماذا لا يكذب المؤمن وقد يقع في الزنا والسرقة؟
وتابع علي جمعة بالقول إن الكذب محرّم لأنه افتراء على الله؛ إذ "أنسب إلى الله سبحانه وتعالى ما لم يرده، بل أراد غيره".
وبين أن تحريم الكذب يؤدي بنا إلى شفافية عجيبة وصعبة، تحتاج إلى تربية وصبر، وقد يقع الإنسان في الكذب لأنه يشعر بالخجل، ولذلك يحتاج الأمر إلى أن يواجه نفسه وألا يخجل.
وتابع أنه قد يكذب الإنسان لأنه خائف؛ إما خوفًا من العقوبة، أو خوفًا من أن يُغضب مَن أمامه، أو أن يخالفه. كما قد يقع الإنسان في الكذب بدافع المصلحة.
وهناك أيضًا من يكذب بلا سبب واضح؛ فقد أصبح يحب الكذب، ولديه شعور بأنه لا داعي لقول الصدق، ولا يرى ضرورة لأن يعرف السامع الحقيقة كما هي. فتجده يكذب لمجرد تحقيق المكر والخداع والالتفاف. وهذا ما أشار إليه النبي ﷺ في قوله: "لا يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".
وأردف: "فهذا الشخص يكذب ويتعمد مخالفة الواقع وهو واعٍ بذلك، بالرغم من أنه لا يخاف من غضب أحد، ولا يخشى عقوبة، ولا يشعر بالخجل، ولا يحقق مصلحة. فما السبب؟ لأنه كُتب عند الله كذابًا. ولهذا يبتليه الله سبحانه وتعالى بحب هذه المخالفات، ومنها الكذب".
الصدق منجاة ونجاة
وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على أن الكذب مصيبة، وفيه الهلاك حتى لو ظننت أن فيه نجاتك، بينما الصدق منجاة ونجاة، ولو ظننت أن فيه هلاكك.
وأوضح قول سيدنا النبي ﷺ نهانا عن الكذب حتى قال: "أيسرق المؤمن؟" قال: "نعم". "أيزني المؤمن؟" قال: "نعم". "أيكذب المؤمن؟" قال: "لا".
وأضاف: المؤمن لا يكذب، إذ علّق النبي ﷺ الكذب بالإيمان، وهذا يبين أن الكاذب لا يفلح، لأن هناك جانبًا غيبيًا من عند الله سبحانه وتعالى. فالأمر ليس فقط متعلقًا بالمصداقية، أو بأنه مأمور به، بل لأن الله لا يوفق الكاذب، لذلك، عودوا أنفسكم على الصدق، وابتعدوا عن الكذب.