عاجل

فوائد النوم المبكر على الصحة النفسية: ماذا تقول الدراسات الحديثة؟

النوم المبكر والصحة
النوم المبكر والصحة النفسية

في عالم يزداد ازدحامًا وتسارعًا، أصبحت مشكلات النوم من أبرز التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، الأرق، القلق، التوتر، وصعوبات التركيز أصبحت أعراضًا شائعة لدى كثيرين، وقد لا يخطر ببال البعض أن الحل قد يكون بسيطًا للغاية: النوم المبكر.

لكن هل هناك علاقة حقيقية بين النوم المبكر وتحسين الصحة النفسية؟ وهل يمكن لتغيير بسيط في نمط النوم أن يساهم في الحد من مشاعر التوتر والاكتئاب؟ هذا ما تكشفه لنا دراسة حديثة سلطت الضوء على الأثر العميق للنوم على الصحة العقلية.

النوم المبكر والصحة النفسية

في يوليو 2024، نشرت مجلة أبحاث الطب النفسي البريطانية دراسة موسعة تناولت العلاقة بين توقيت النوم والحالة النفسية لدى أكثر من 74,000 مشارك، وقد تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين رئيسيتين: مجموعة تلتزم بالنوم المبكر، وأخرى تميل إلى النوم في ساعات متأخرة من الليل.

أظهرت نتائج الدراسة أن الأفراد الذين ينامون مبكرًا يتمتعون بمستوى أفضل من الاستقرار النفسي، ويواجهون معدلات أقل بكثير من القلق والاكتئاب مقارنة بالأشخاص الذين يتأخرون في النوم.

اللافت في الدراسة أن بعض المشاركين الذين كانوا ينامون مبكرًا، وتم تغيير نمط نومهم ليصبح متأخرًا، بدؤوا يعانون من أعراض نفسية واضحة مثل التوتر والقلق واضطراب المزاج، والعكس أيضًا كان صحيحًا: فالأشخاص المعتادون على النوم المتأخر لاحظوا تحسنًا ملحوظًا في صحتهم النفسية بعد انتقالهم إلى نمط نوم مبكر.

لماذا يؤثر النوم المبكر على الحالة النفسية؟

يُعد النوم جزءًا أساسيًا من دورة التجدد العصبي في الدماغ. فعندما يخلد الإنسان إلى النوم في وقت مبكر، يتزامن ذلك مع إفراز هرمونات تنظيم المزاج مثل الميلاتونين والسيروتونين بطريقة طبيعية ومتوازنة، أما تأخير النوم، فيُربك هذه الدورة، ويؤدي إلى اضطراب الهرمونات، ما ينعكس سلبًا على المزاج والصحة النفسية.

إضافة إلى ذلك، فإن النوم في وقت متأخر غالبًا ما يكون مصحوبًا بسلوكيات غير صحية، مثل استخدام الشاشات لفترات طويلة، وتناول وجبات خفيفة غير صحية ليلًا، ما يزيد من التوتر ويؤثر على جودة النوم.

النوم المتأخر وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق

تشير العديد من الدراسات إلى أن الأشخاص الذين ينامون في وقت متأخر من الليل يعانون من معدلات أعلى من الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق المزمن، ويُعتقد أن هذا الارتباط يعود إلى اختلال الساعة البيولوجية للجسم، مما يسبب خللاً في إفراز الهرمونات المسؤولة عن الاستقرار النفسي.

كما أن قلة النوم، أو النوم في غير ساعاته الطبيعية، يؤثر على قدرة الدماغ على التخلص من السموم المتراكمة خلال اليوم، ما يؤدي إلى تراجع القدرات الإدراكية وصعوبة التركيز وزيادة مشاعر التعب والإرهاق.

كيف تبدأ بتغيير عادات نومك لتحسين صحتك النفسية؟

إذا كنت تعاني من التوتر أو اضطرابات المزاج، فإن تعديل جدول نومك قد يكون خطوة فعّالة نحو الشفاء، إليك بعض النصائح للانتقال إلى نمط نوم صحي:

  • حدد وقتًا ثابتًا للنوم والاستيقاظ حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
  • تجنب الشاشات الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل.
  • ابتعد عن المنبهات مثل الكافيين في ساعات المساء.
  • هيئ بيئة نوم مريحة من حيث الإضاءة ودرجة الحرارة والهدوء.
  • مارس التأمل أو التنفس العميق قبل النوم لتقليل التوتر.

تؤكد الأدلة العلمية أن النوم المبكر لا يساعد فقط على تحسين جودة النوم، بل يلعب دورًا محوريًا في دعم الصحة النفسية والعقلية. إذا كنت تبحث عن وسيلة طبيعية وفعالة لتقليل التوتر، والحد من أعراض الاكتئاب أو القلق، فقد يكون تغيير عادات نومك هو البداية الصحيحة.

ابدأ من الليلة. أطفئ الأنوار باكرًا، وأعطِ لنفسك فرصة حقيقية للراحة الذهنية والجسدية.

تم نسخ الرابط