عاجل

خالد الجندي: القرآن تجنب ذكر أسماء العصاة الحقيقيين لحكمة تربوية وإعجازية

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي

أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن القرآن الكريم يتعمد عدم ذكر الأسماء الحقيقية لبعض الشخصيات العاصية أو المذنبة، وذلك ليس لغياب المعرفة أو المعلومات، وإنما لحكمة ربانية تهدف إلى تحقيق أبعاد تربوية وأخرى إعجازية في النص القرآني.

وقال خالد الجندي ، خلال برنامجه "لعلهم يفقهون" المذاع عبر قناة DMC، إن أسلوب القرآن في التعامل مع الشخصيات السلبية يتم بحكمة، حيث لا يركز على هوية الشخص وإنما على صفاته وسلوكه، لافتًا إلى أن ذلك أسلوب تربوي يساعد المتلقي على فهم الرسالة الأخلاقية والروحية بعيدًا عن التعلق بالأسماء أو الأنساب.

 أمثلة على الرمزية

وتناول خالد الجندي بعض الأمثلة من القرآن الكريم التي تؤكد هذه الفكرة، فقال: "أبو لهب، مثلاً، ليس اسمه الحقيقي 'أبو لهب'، وزوجته كذلك لم يُذكر اسمها، وفرعون هو الآخر لم يُذكر اسمه الحقيقي".

وأشار خالد الجندي إلى أن هذه الأسماء تُستخدم بوصفها رموزًا لشخصيات متكررة عبر العصور، وليس كأشخاص محددين في التاريخ فقط، مضيفًا أن "القرآن لا يسعى لتوثيق أحداث بعينها بقدر ما يسعى إلى تقديم عبرة وقيم مستمرة تصلح لكل زمان ومكان".

متى يذكر القرآن الأسماء الحقيقية؟ 

وبيّن خالد الجندي أن القرآن، في بعض الأحيان، يذكر الأسماء الحقيقية لشخصيات معينة، لكن ذلك لا يكون إلا لأسباب خاصة، منها: "منع الالتباس بين الشخصيات، خاصة إذا كانت هناك عدة شخصيات بنفس الصفات أو الدور، تحقيق نوع من الإعجاز القرآني، إذ إن ورود الاسم في السياق يخدم المعنى ويؤكّد دقّة التشريع والتوجيه، إبراز مكانة معينة أو تكليف رباني مميز، كما في حالة مريم وعيسى وموسى وغيرهم من الأنبياء".

وأضاف خالد الجندي: "عندما يُذكر الاسم في القرآن، فذلك لأنه يحمل دلالة خاصة ومقصودة، وليس لمجرد التعريف بالشخص".

نموذج للشخصية المتكررة

وضرب الجندي مثالاً بـ"الشيطان"، الذي ورد كثيرًا في القرآن، لكنه يمثل شخصية رمزية متكررة في المجتمعات، وليس شخصية واحدة فقط، قائًلا: "هناك من يتخذ سلوك الشيطان، ويمارس أفعاله، لذلك فالقرآن يحذر من هذه الشخصية لأنها تتكرر في كل زمان ومكان".

وأكد خالد الجندي أن هذا الأسلوب يعلّم المسلم أن يحذر من السلوك وليس من الشخص فقط، وأن يركّز على المضمون لا على الشكل، مضيفًا أن التربية القرآنية تهدف إلى بناء الوعي وليس نشر الإدانة الشخصية.

الشيخ خالد الجندي 
الشيخ خالد الجندي 

القرآن يبني وعياً 

اختتم خالد الجندي حديثه بالتأكيد على أن القرآن الكريم يسعى لتعليم القيم والأخلاق من خلال تجريد الشخصيات السلبية من أسمائها حتى لا يتحول النص إلى أداة للفضح أو التشهير، وإنما لبناء وعي تربوي واجتماعي.

وأوضح خالد الجندي أن هذا المنهج القرآني يعكس الرحمة والعدل في الخطاب الإلهي، حيث يتم التركيز على الفعل لا الفاعل، وعلى السلوك لا الاسم، وعلى الدرس لا الشخصية.

تم نسخ الرابط