في الثلث الأخير.. حيث لا تُرد دعوة ولا تُغلق أبواب الرجاء

ساعة السحر التي تأتي في الثلث الأخير من الليل بين ظلمة الليل وسكون الكون، فهي لحظة ربانية يتجلّى فيها القرب الإلهي بأعلى درجاته.. إنها ساعة السحر، تلك اللحظة التي يفتح الله فيها أبواب رحمته للعباد، ويُنادي في خلقه: “هل من داعٍ فأستجيب له؟”.
تلك الساعة التي يغفل عنها الكثيرون، رغم أنها كنز روحي عظيم وفرصة لا تعوّض لكل من ضاقت به السبل أو تاقت روحه للمغفرة والسكينة. إنها اللحظة التي يجتمع فيها الصفاء القلبي، والهدوء الخارجي، واليقين الداخلي، فتُرفع فيها الدعوات إلى السماء محمولة على أجنحة الرجاء والإخلاص
علماء الدين أكدوا أن جوف الليل هو وقت الخلوة الصادقة بين العبد وربه، خاصة في الثلث الأخير، حيث تكون النفوس أكثر صفاءً والقلوب أكثر خشوعًا. ومن هنا، جاءت دعوة السحر كفرصة ذهبية لكل مهموم، مريض، مظلوم، أو حتى طامح في تحقيق حلم. هي اللحظة التي لا يردّ الله فيها عبدًا دعاه بيقين.
ووفقًا لما جاء في صحيح الأحاديث، فإن قيام الليل والدعاء في ساعاته الأخيرة كان من السنن النبوية التي واظب عليها النبي وأوصى بها أصحابه، فقال: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”، بل وكان يُعرف أن النبي إذا حزبه أمر، لجأ إلى ربه في جوف الليل.
الأعمال المستحبة في ساعة السحر :
1. الاستغفار:
قال تعالى: “وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” [الذاريات: 18]، فالاستغفار في هذا الوقت له فضل خاص، لأنه يجتمع فيه صفاء القلب وسكون الليل.
2. الدعاء:
وقت السحر من أوقات استجابة الدعاء، ففي الحديث: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟…”.
3. قيام الليل (التهجد):
من أعظم الطاعات في هذا الوقت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتركه، وهو علامة على قرب العبد من ربه، وقد وصفهم الله بقوله: “كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ”.
4. الصلاة على النبي:
من أحب الذكر، وله فضل عظيم، خاصة في أوقات الخلوة والصفاء، كوقت السحر.
5. قراءة القرآن:
تلاوة القرآن في هذا الوقت تحمل طمأنينة خاصة، وذكر ابن القيم أن من أحب الأوقات لقراءة القرآن هو السحر لما فيه من سكون القلب.
6. التوبة وتجديد النية:
وقت السحر فرصة لمراجعة النفس والتوبة الصادقة، وطلب العفو من الله على ذنوب اليوم.
7. الصدقة إن أمكن:
البعض يحرص على إخراج صدقة أو كفالة مستمرة، بنية التقرب لله في هذا الوقت المبارك