دار الإفتاء : الاستمرار على الطاعة بعد العيد أعظم القربات وأصدق علامات القبول

مع انقضاء أيام عيد الأضحى المبارك، يعود كثير من المسلمين إلى روتين حياتهم اليومي، وتبدأ تساؤلات جادة في الظهور: ماذا بعد موسم الطاعات؟ وهل تنتهي العبادة بانتهاء أيام العيد؟ سؤال يطرحه علماء الدين والدعاة مع كل موسم طاعة، مؤكدين أن أعظم القربات بعد العيد هي مواصلة العبد لطريق العبادة والاستقامة على الطاعة، لا أن يعود إلى الغفلة والانقطاع.
الطاعة لا تنقطع بانقضاء المواسم
وفي هذا السياق، شدد علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية على أن الاستمرار في الطاعة بعد العيد هو مقياس حقيقي لقبول العمل، وهو ما عبّر عنه بعض السلف بقولهم: “ثواب الحسنة الحسنة بعدها”. فإن رأيت نفسك بعد الحج، أو بعد العيد، أو بعد رمضان، مقبلًا على الصلاة، والذكر، والقرآن، فذلك علامة رجاء على القبول.
وأضاف العلماء أن الإسلام لم يجعل العبادة حكرًا على مواسم بعينها، وإنما جعل مواسم الطاعة محطات للتزود وشحن القلوب، ليواصل الإنسان بعد ذلك سيره إلى الله تعالى في سائر أيامه.
طاعة مستمرة وعزم لا ينقطع
وأكد الدكتور محمد أبو هاشم، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، في تصريحات إعلامية أن العيد ليس نهاية للطاعة، بل هو تتويج لها وبداية لانطلاقة جديدة في طاعة الله. وقال: “من يظن أن العبادة تنتهي بخروج العيد، لم يفقه حقيقة العبادة، فالله يُعبد في كل وقت، والسعيد من كان بعد الطاعة أقرب إلى الله من ذي قبل”.
ودعا أبو هاشم المسلمين إلى المحافظة على الفرائض، والسنن، وأذكار الصباح والمساء، وصيام التطوع، وقراءة القرآن، موضحًا أن هذه الأعمال ليست مقصورة على رمضان أو العشر من ذي الحجة، بل هي جزء من حياة المسلم اليومية.
مواسم الخير متتابعة
كما بيّن الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن من علامات قبول العمل أن يوفق الله العبد إلى طاعة بعدها، وهذا دليل على محبة الله له. وأضاف: “من لم يخرج من موسم العيد إلا وقد زاد حبًا للعبادة، وندمًا على تقصيره، وعزمًا على مواصلة القرب من الله، فقد فاز فوزًا عظيمًا”.
وشدد ممدوح على أن الطاعة لا تتطلب ظروفًا خاصة، بل تحتاج إلى صدق نية وهمة صادقة، متابعًا: “مَن صلّى في العيد وترك الصلاة بعده، فقد فرّط في جوهر العيد، ومَن قرأ القرآن في العشر الأوائل وهجره بعدها، فقد حرم نفسه النور”.
ما بعد العيد.. وقت البناء والاستمرار
وينصح العلماء المسلمين بأن يجعلوا من أيام ما بعد العيد فرصة لترسيخ العادات الإيمانية، والمحافظة على علاقة يومية بالله، مؤكدين أن النجاة في الثبات، وأن أكثر الناس قربًا من الله هم الذين يثبتون بعد كل موسم طاعة، لا من يعودون إلى التفريط.
كما لفتوا إلى أن أبواب الخير كثيرة، ومفتوحة بعد العيد، من صيام الأيام البيض، والاثنين والخميس، وقيام الليل، والصدقات، وصلة الرحم، إلى جانب إدامة التوبة والاستغفار