رمضان في لبنان .. تقاليد تراثية أصيلة ونكهات لا تُنسى
بحلول شهر رمضان المبارك، تتزين ليالي لبنان بروحانيات خاصة، تمتزج بين عبق التراث وأجواء الإيمان .. ولعل "المسحراتي" هو أحد أبرز التقاليد الرمضانية التي لا تزال حاضرة في الأحياء اللبنانية، حيث يجوب الشوارع مرتديًا زيه التقليدي، وضاربًا على طبلته بقضيب من الخيزران، لينشد الأدعية والأناشيد الدينية، مناديًا الناس بأسمائهم، وداعيًا إياهم لتناول السحور.
المسحراتي.. رمز للأصالة والتراث
قديماً، كانت جوقة من المسحراتية تجوب أحياء بيروت، منشدة أشعار السحور على أنغام الرق والمزاهر، فتخترق أصواتهم سكون الليل، وتحمل معها إحساسًا خاصًا بالشهر الفضيل.
اليوم، لا يزال صوت المسحراتي يضفي على ليالي رمضان في لبنان لمسةً من الحنين والأصالة .. ويحرص الكثير من المسحراتية على الحفاظ على هذه العادة، حيث يعتبرونها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية اللبنانية.
موائد رمضان في لبنان.. تنوع ونكهات تقليدية
أما على موائد الإفطار، فتزخر المأدبة اللبنانية بأطباق تقليدية شهية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الكريم، في مقدمتها "الفتوش"، السلطة الرمضانية الأشهر، وحساء العدس الدافئ، و"التسقية" أو "الفتة"، التي تعد من الأطباق المفضلة على موائد الصائمين.
كما تحضر "الكبة بالصينية"، و"الأرنبية"، إضافة إلى أطباق الأرز مع اللحم أو الدجاج، وكلها أطعمة تتوارثها الأجيال، ولا تتقن صنعها إلا ربات البيوت من الجيل القديم.
الأجواء الرمضانية في لبنان .. بين الروحانية والاجتماعية
رمضان في لبنان ليس مجرد شهر للصيام والعبادات، بل هو موسم يعج بالنشاطات الروحانية والاجتماعية، حيث تجتمع العائلات على موائد عامرة بالمحبة، وتنتشر الأجواء الرمضانية في الأسواق والشوارع. وتعكس هذه المظاهر تلاحم المجتمع اللبناني، وتخلق أجواءً من الألفة والتكافل.
وتشهد الأسواق الشعبية في بيروت وطرابلس صخبًا خاصًا خلال رمضان، حيث يزداد الإقبال على شراء الحلويات الرمضانية مثل "القطايف" و"المعمول".
كما تقام العديد من الفعاليات الدينية والثقافية التي تهدف إلى تعزيز القيم الروحانية ونشر الخير بين الناس.
تراث متجدد
رغم تغير الزمن، تبقى تقاليد رمضان في لبنان حاضرة بقوة، إذ يحرص اللبنانيون على إحيائها ونقلها للأجيال القادمة. فالمسحراتي بأهازيجه، وموائد الإفطار بأطباقها الشهية، والأسواق بأجوائها الحيوية، كلها عناصر تجعل من رمضان في لبنان تجربة فريدة تمتزج فيها الروحانية بالأصالة.
رمضان في لبنان هو أكثر من مجرد شهر ديني، إنه احتفاء بجذور عميقة وتقاليد أصيلة لا تزال تنبض بالحياة، مما يجعله موسمًا ينتظره الجميع بشوق كل عام.
